الجمعة، 6 أغسطس 2021

كيف نحتفي بذكري ميلادنا؟


نحن لا نتغير مشاعرنا تبقى ثابتة، مايتغير مع الزمن طاقة تحملنا والقدرة على المحاولة، قدرة الاستمرار على الكلام أو حتى على الصمت. تدور العلاقات الإنسانية وتتبدل حتي تهدأ وتجد مكان استقرارها، ثم تتوقف حيث تجد الأمان.. الأمان فقط.

من المهم أن يكون الإنسان شاكرا ومقدرا لما رزقه الله في الحياة ولكل إنجازاته ونجاحاته فيها. ولكن إن أردنا أن نرى الصورة الكاملة من منظور أوسع، إن أردنا أن نقدر ثمار الحياة يجب علينا أولا تقدير الشجرة التي أثمرت: الولادة نفسها.

الولادة هي بدايتنا، هي النافذة على فرص العمر المتعددة، يعتبر “ذكري يوم الميلاد” مناسبه بالغة الأهمية، يحتفى بها تمامًا كما تحتفي الأمة بإنبثاقها أو عندما تحتفي منظمة أو شركة بذكر ىتأسيسها. ومع ذلك، فهو أكثر من مجرد مناسبة لتلقي الهدايا والتبريكات، إنها فرصة لنتذكر اليوم الذي وقع فيه حدث كبير، للاحتفاء وتقديم الشكر والإمتنان لله المبدع والتفكير في مدى نجاحنا في الحياة.

ذكري يوم الميلاد هو وقت للاحتفال بالولادة نفسها ، فرحة الخروج للحياة. كما أنها أيضًا مناسبة لإعادة التفكير في مجرى حياتنا:

• ما مدى التفاوت بين ما أنجزته وما يمكنك تحقيقه؟

• هل نقضي أوقاتنا بالشكل الصحيح أم أننا متورطون في أشياء تشتت انتباهنا عن النداء/المهمة الأهم؟

• كيف يمكننا تقوية الخيط الرفيع الذي يربط حياتنا الخارجية بحياتنا الداخلية؟

يمكن أن يعلمنا يوم الميلاد مفهوم الوقفة مع النفس ومراجعة حسابتنا، أن نتذكر أن ولادتنا هي بداية جديدة بغض النظر عن سير الأمور بالأمس ، أن نعي أن لدينا دائمًا القدرة على المحاولة مرة أخرى. ذكرى يوم ميلادك هو بمثابة تنشيط لذاتك، فرصة للتجديد – ليس فقط جسديا، ولكن روحيًا أيضا.

في ذكرى يوم ميلادك، اجتمع مع العائلة والأصدقاء ومارس شيئًا مفيدًا معهم، لا توجد طريقة أفضل للاحتفاء بذكرى الميلاد من القيام بعمل صالح مع من حولك. من السهل أن تقول: “أنا ممتن”؛ والأفضل بكثير إظهار ذلك الامتنان من خلال القيام بعمل خيّر. إن أفضل هدية يقدمها الإنسان لله في عيد ميلاده، هو إظهار إمتنانه لنعم الخالق عليه، أن يعمل عملاً صالحا لم يقم به من قبل، فالعمل الصالح الخارج من الداخل وليس لأن أحدا ما طلب منه أو اقترح عليك فعله، لكن ببساطة أنت تفعله لأن طيبتك الداخلية، روحك، تريد التعبير عن شكرها لولادتها وحيويتها.

لذا حين احتفائكم بذكري ميلادكم تذكروا التالي:

• السر الذي يجعل حياتك ثمينة، يكمن في قدرتك على التحمل وتجاوز الصعاب، عندما تمر بأزمة وتجد لديك القدرة على المقاومة، أعلم بأنك تمتلك مواصفات القادة، وأفخر بنفسك.

• الصراع مع الآخرين بمختلف أنواعه لايرده سوى إنحيازك لإنسانيتك أما الدخول في أي صراع أيديولوجي فهو مضيعة للوقت تماما .

• التاريخ البشري يثبت أن العبرة بالنهاية، ولكن البعض لايعتبر، ويحقد بحماقة.

• لا ترهق من حولك بعقليتك المعقدة التطوير، فهناك قلة ممن يستوعبونها ويتعاملون معها بحياد لايعتبرونها ضدهم!

• الحياة تحتاج إلى كثير من الصبر.

• دائما في كل قصة يوجد فرصة لجعل نهايتها سعيدة!

• المشاعر كأوراق الزهر.. تنتظر ولكن ليس للأبد.

• أجمل وأسوأ مرحلة في حياتك عندما تجد من يعاديك لإيجابياتك وليس لسلبياتك!

• لاتكره المخطيء، واغفر الخطأ.

• الحياة مؤقتة، للسعادة بها يجب أن تتعامل مع كل مايحدث بأنه غير دائم!

كل عام وأنا بخير

بقلم ( أسماء الحمد ) 

الاثنين، 19 يوليو 2021

لن ينال المطلوب إلا بستة


هناك نماذج كثيرة في الحياة تتناول بالحديث عن جوانب اجتماعية واقتصادية، وفيها حكم خاصة تكون محل اهتمامنا وتخصنا أحيانا لمعالجة بعض القضايا. ووددت في هذ المقال أن أتناول أبياتا شعرية قالها الإمام الشافعي، وأقتبس منها عنوان هذا المقال ليكون مدخل حديثي عن زاوية اقتصادية، وسأتناول الموضوع باختصار ضمن الحيز المتاح.قال الإمام الشافعي:
أخي لن تنال العلم إلا بستة .. سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة .. وصحبة أستاذ وطول زمان
والبلغة يفهم منها أنها الموارد التي تكفي احتياجات الراغب في التعلم، وبصفة أعم الراغب في تحقيق هدف ما. بالمثل لن يتحقق تحول أو تطور، سواء لاقتصاد أو نشاط أو منشأة / مؤسسة ما، خاصة أو عامة، إلا بتحقيق متطلبات أساسية قبلية، أي تسبق التحول. الرغبة في التطور مطلب الجميع، لكن من ينجح قليل.
ما المتطلبات؟ كتب عنها الكثير الذي يتوزع بين كتب ودراسات ومحاضرات، وتختلف الآراء بين موسع ومضيق. وأرى خلاصتها في ستة: 1 - رؤية 2 - موارد 3 - إدارة مشروع 4 - خطة تنفيذ 5 - مهارات 6 - حوافز.
vision, resources, project management, action plan, skills and incentive
ولضيق المجال، التركيز هنا على الإدارة. يقف على رأس إدارة المشروع مدير المشروع. وتساعده إدارة يعتمد عليها المدير في الإشراف على التنفيذ وملاحقته. وهذه الإدارة ينبغي أن تكون عالية الكفاءة مهنيا وعمليا، وتتولى الإشراف القوي على إنجاز المشروع. ولها كل الصلاحيات التي تمكنها من القيام بعملها. وطبعا، لا بد من تنظيم جيد لإدارة المشروع وعملها.
من أولويات إدارة المشروع صياغة خطة عمل action plan مفصلة. وهذا عمل شاق.
وتنفيذ الخطة يتطلب حدا أدنى من المستوى المهني والأدائي في الأشخاص القائمين على التنفيذ. أما في حال انخفاض هذا المستوى، فإنه سيظهر تأثير سلبي واضح في نجاح جهود إدارة المشروع.
مطلوب خطوات فاعلة لرفع المستوى المهني في المجتمع. كما مطلوب رفع مستوى الأداء. وهذا التطوير سينعكس على مهارات وأداء أفراد ومنشآت المجتمع.
التطوير السابق له صلة ببرامج التعليم، سواء العام أو المهني والحرفي. وله صلة بسياسات التوظيف والدوام والتقييم والترقيات والإجازات، وغيرها، في القطاع العام أو الخاص أو غير الربحي.
يرتبط بتطوير الإدارة موضوع الحوافز والحرص. كيف؟ على ذوي الشأن في إدارة المشروع صناعة تفهم لدى الموظف للأوضاع الحالية بإيجابياتها وسلبياتها، وصناعة شعور عميق وقناعة قوية بمسؤولية الجميع تجاه تغييرها، ومتطلبات التحول ومدى أهميته للأجيال القادمة. والقدوة تلعب دورا كبيرا في تحقيق هذه العناصر، لأن الناس يتأثرون كثيرا بسلوكيات من يقودهم.
وبقية المقال عن أنماط سلوكية مع أو ضد التحول.
هناك ثلاثة أنماط من السلوك في التفكير والكلام والفعل: رجل يفكر ويقول ويحاول جاهدا أن يترجم أفكاره وأقواله إلى أفعال. ورجل تغلب عليه أحلام اليقظة والتحدث بها: أي أنه كثير التفكير والكلام فيما فكر فيه، لكنه قليل الأفعال. ورجل ثالث أراح نفسه من التفكير فلا يتوقع منه لا كلاما ولا فعلا.
تدار المؤسسات والشركات عادة بقيادات من النوعين الأول والثاني. وحينما يسيطر النوع الأول على القيادة يرتفع الأداء. أما إذا تغلب النوعان الثاني والثالث على إدارتها العليا، فهي مشكلة كبيرة. مثلا، كيف يكون حال مؤسسة تنتج سلعا أو خدمات ولكن كبار إدارييها يستهلكون معظم وقتهم في "تزويق" الكلام والولع بالمظاهر؟ هذا السلوك يتحول - من حيث يشعر المسؤول أو لا يشعر - إلى أداة لممارسات ضارة بأداء وإنتاجية الشركة أو المؤسسة.
وهنا مثال افتراضي. شركة تعاني مصاعب في رفع مبيعاتها، كما أنها تعاني خسائر. هذا يعني غالبا أن الشركة تعاني ضعف قدرتها على تطوير منتجاتها أو خدماتها بما يوفرها للناس بصورة مرضية. كما لوحظ ارتفاع التكاليف التشغيلية الناتجة عن عدة عوامل، كضعف استغلال طاقتها الإنتاجية. تعاقد مجلس إدارة الشركة مع مكتب استشاري لدراسة الوضع. لاحظ الاستشاري كثرة الكلام والاجتماعات الدورية. لاحظ أن قيادات في الشركة تشارك في تقديم حلول ومقترحات لمعظم المشكلات التي تعانيها الشركة، ولكن لا أثر لذلك في أرض الواقع. فمشكلات الشركة ما زالت قائمة والنتائج غير المرضية مستمرة.
تبين للاستشاري أن الشركة تعاني مشكلات إدارية جوهرية، وإحداها أن أغلب المسؤولين فيها يمكن تصنيفهم من الفئة الثانية. كان واضحا أن الشركة لن تتقدم إذا بقيت تدار وفق الطريقة الإدارية نفسها. هل التغيير في القيادات العليا سيحل المشكلة؟ قد وقد، اعتمادا على اعتبارات وأحوال.
وأختم بالإشارة إلى الشرط الثالث في شعر الشافعي، وهو الاجتهاد. يساعد على فهم أهمية الاجتهاد ما نراه في مجتمعات ودول آسيوية من إعطاء الجد والاجتهاد اهتماما بالغا. ويتضح ذلك أيضا من كثرة استخدامهم في لغاتهم الكلمات التي تدل على الاجتهاد والمثابرة. هذه الثقافة كانت عاملا مهما فيما تحقق في تلك المجتمعات من ازدهار. وتقبل الله من الجميع، والله أكبر، وعيد مبارك، وبالله التوفيق.


الأربعاء، 30 يونيو 2021

الحكمة والسفاهة

ديمومة الحال يرادفها المحال، وتغيير الحال حاصلٌ لا محال، وحياة ابن آدم لها وجهان: وجه يعايش به ما يحب، كالشعور بالفرح بعد الحزن، والغنى بعد الفقر، والعافية بعد المرض، والأمن بعد الخوف.. والآخر عكس ذلك، الذي به تموت الأحلام، كالشعور بالإحباط بعد الشغف، واليأس بعد الأمل، والذل بعد العزة.. وهذا الشعور لا ينجو من جحيمه إلا من زادت حكمته، وقَلَّت سفاهته.

الحكمة والسفاهة صفتان متناقضتان؛ فمَن زادت سفاهته قَلَّت حكمته، ومَن زادت حكمته قَلَّت سفاهته. وهاتان الصفتان توجدان في كل إنسان، كبير أو صغير، رجل أو امرأة، غني أو فقير... إلخ، ولكن نسبة الحكمة عند كبار السن أعلى من نسبتها عند صغار السن. وهناك سبب رئيسي وراء ذلك، هو أن معظمنا لا يعرف حقيقة هذه الدنيا إلا في وقت متأخر من العمر.

مما أراه، الحكمة لها علامتان رئيسيتان، تستقران بهما نفس الإنسان: الأولى هي أن الرزق القليل أفضل من لا شيء. والثانية هي أن الكمال في الدنيا أمرٌ مستحيل.

وأما السفاهة فهي عكس الحكمة تمامًا، ولها أيضًا علامتان رئيسيتان، تضيعان بها النفس: الأولى هي أن الرزق الكثير لا يكفي، ويجب أن يكون أكثر. والثانية هي أن الكمال في الدنيا هدفٌ ويجب تحقيقه.

بالحكمة يستطيع الشخص أن يتصوَّر مستقبل ما يحدث حوله، ويكون هذا التصور باستحضار تجارب الأسلاف؛ ليطبق بقدر المستطاع نجاحاتهم، ويتجنب أخطاءهم، ويفرق بين المهم والأهم.

والحكمة صفة يهبها الله لمَن يشاء من عباده، وقد قال تعالى {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب} سورة البقرة الآية 269. لذلك لن تجد الحكمة في كاذب ولا سارق ولا متكبر ولا خائن.. بالمختصر: الحكمة توجد فقط فيمَن تجتمع فيه مكارم الأخلاق.

وأما السفاهة فهي التي تجعل نظرة المرء محبطة ودونية ومادية.. فلن تجد سفيهًا يقوم باستحضار الماضي بصورة صحيحة؛ ليرسم بعض الأهداف لمستقبله ومستقبل الأجيال القادمة، بل دائمًا تجد السفيه يدور بتفكيره في حلقة واحدة، هي حلقة الفشل، وبها يقتل طموح مَن حوله. ولن تجد سفيهًا يتعلم من أخطائه، بل دائمًا هو أول من يرمي ما بيده من رزق وخير ونعمة؛ لكي يخفف على نفسه مطاردة سراب أحلامه الضائعة التي قد يكون هلاكه وهلاك من معه بالوصول إليها.

وهنا أود أن أوضح للجميع أن المبالغة غالبًا ما تكون أساس السفاهة، وأواسط الأمور دائمًا ما تكون من الحكمة. فالمبالغة بالزهد في الدنيا سفاهة، والمبالغة بحب الدنيا سفاهة.. وأما التوسط في الزهد وحب الدنيا فهو من الحكمة؛ لذلك يجب علينا جميعًا أن نعمل ونسعى في هذه الدنيا لطاعة الله أولاً، ومن ثم لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا بقدر استطاعتنا، وبدون مبالغة.

وأختم مقالتي بحكمة جميلة، تختصر لنا الكثير، وتُنسب لسيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- هي: "اعمل لآخرتك كأنك ستموت غدًا، واعمل لدنياك كأنك ستعيش أبدًا".

بقلم 
حمد خالد العرق - الرياض

الأربعاء، 16 يونيو 2021

الآفاق الاقتصادية للإبداع

هل يدرك الفنانون العرب الدور الذي يمكن أن يلعبوه في نمو اقتصاد بلدانهم؟ محدودية آفاق التفكير مأساة. حين يحصر منتج المسلسل طاقاته في نسبة مشاهدة رمضانية، فتلك مأساة. حين يضيّق الموسيقيّ الخناق على الطموح الإبداعي، كرواج ألبوم، فتلك مأساة. وحين وحين... فالاستنتاج هو أن الطاقات الخلاّقة غائبة، فالمبدعون لا يرضون ذلك الإنتاج مظهر إشعاع لفنهم.

هل تذكر الأرقام التي جعلت فرقة «البيتلز»، أو «الخنافس» قيمة مضافة إلى الاقتصاد البريطاني؟ بذلك نالوا تكريم الملكة. في أقل من عقد (1962-69) بلغت مبيعاتهم ستمئة مليون أسطوانة. أهمّ من ذلك بكثير أن 37 ألبوماً لهم حازت مرتبة «الألبوم الأول» عالميّاً. «والت ديزني» يطرح مبحثاً هو في حدّ ذاته، في ظن القلم، محور جديد لا سابقة له في تاريخ الفن: أن يرحل المبدع ويظل إنتاج إبداعه مستمرّاً، لأن الإبداع صار مؤسسة تنتج الأعمال، كما أضحى منشأة اقتصادية: «مدينة ديزني». هل كان ديزني حين خطا الخطوة الأولى على طريق الألف ميل في الرسوم المتحركة يتخيّل أن حلم أطفال العالم سيصبح زيارة المدينة التي تحمل اسمه؟

دع خيالك يشطح، في خيال لم يعد يبدو علميّاً خارج حدود المتصوّر. فكرة استمرار الإبداع بعد رحيل المبدع لن تكون في المستقبل أمراً خارقاً للطبيعة. الذكاء الاصطناعي قد يأتي بما يلوح اليوم مذهلاً. «ديب بلو»، الحاسوب الذي تغلب على بطل العالم في الشطرنج، كاسباروف، شحنوه ببرمجة فيها مباريات شطرنجية عالمية نجومية. حسناً، لنا أن نتخيّل ذكاء اصطناعياً موسيقياً يُبرمج بالمؤلفات الموسيقية الكاملة لموتزارت مثلاً، ويكلّف بتأليف كونشرتوهات، سيمفونيات، سوناتات جديدة لموتزارت لم يؤلفها فولفجانج آمادوس، أو بيتهوفن أو برليوز أو تشايكوفسكي. هذا الموضوع ظريف على ما يبدو، يفتح الشهيّة، نترك تفصيله لعمود آخر. خذ ذلك كعربون. لكن أطلق لخيالك العنان. سترى أنك حلّقت في آفاق لم تخطر على بال القلم.

عندما يحبس الفنان طائر إبداعه في قفص الإنتاج التلفزيوني الرمضاني، أو قنّ ألبوم غنائي، فإن الريش الذي سينمو لخياله سيكون ريش دجاج، لا ريش قوادم وخوافٍ لصقور وعقبان. سوف ينط ولا يحلّق، ولا يمكن أن تحلم أعماله بالارتقاء فوق أسوار الزمان.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكريّة: حين تحدّد إطاراً للإبداع، لا تنس البعد الرابع، البعد الزمني.





الكاتب

عبداللطيف الزبيدي
abuzzabaed@gmail.com


الأربعاء، 9 يونيو 2021

الوجه الآخر للرشاقة المؤسسية

طفا مؤخراً على سطح الممارسات الإدارية الرشيدة مصطلح «الرشاقة المؤسسية»، متقدماً على مفهوم «المرونة المؤسسية» الذي اعتدنا المناداة به.

يتناول البعض كلا المفهومين دون تفريق، بينما يميّز آخرون بينهما على اعتبار أن المرونة المؤسسية تتحقق عندما تنجح المؤسسة في التعامل مع التحديات الداخلية التي توقعتها حال حدوثها، أما الرشاقة فتمتد لتجبّ ذلك وتدل على قدرة المؤسسة على الاستجابة للمتغيرات في بيئة العمل الداخلية وكذلك الخارجية، خصوصاً تلك غير المتوقعة سواءً لبست حلّة التحديات أو حلّة الفرص.

للرشاقة اليوم أهمية بالغة تستحق أن توصف بالضرورة، وتحتاج إليها المؤسسة لكي تستمر في تحقيق النتائج الجيدة، والذهاب أبعد من ذلك وصولاً إلى الريادة.

على المؤسسة في سعيها نحو الرشاقة أن تتجنب ما يعرف بالرشاقة الناقصة، وتقع عادةً المؤسسات في هذا الفخ عندما تصب جلّ تركيزها على تحقيق الرشاقة في العمليات أو الخدمات أو إدارات بذاتها، وتغضّ الطرف عن باقي أجزاء المؤسسة، مدفوعةً بالرغبة في اختصار الزمن وتقليل التكاليف. تغتبط المؤسسة للوهلة الأولى فتظن أنها أصبحت رشيقة، وما هي إلّا فترة وجيزة حتى تجد عصياً كثيرة قد وضعت في عجلاتها فتكبّل حركتها، وتكبح تقدمها. هذا لأن المؤسسة هي كيان واحد لا يقبل التقسيم، فإن لم تكن المؤسسة رشيقة في التخطيط فلن تكون كذلك في تقديم الخدمات، وإن لم تزرع الرشاقة في موظفيها فلن تصل إلى العمليات الرشيقة، وقس على ذلك.

تختبر المؤسسات الرشيقة في بداية طريقها تضارباً بين روح الرشاقة التي تتوق إلى المرونة والحرية والابتعاد عن الضوابط الصارمة والمراقبة اللصيقة، وبين متطلبات إدارة ومتابعة الأداء المؤسسي والفردي، والمحكومة بأهداف ومؤشرات ومقاييس دقيقة مشبعة بالانضباط والمتابعة. وتكون النتيجة أن تتراخى المؤسسة في متابعة الأداء ما ينعكس سلباً على نتائجها وتحقيق أهدافها. من الضروري أن تدرك المؤسسات أن الرشاقة لا تتعارض مع الالتزام والمتابعة، لا بل أنها بحاجة إلى قدر أكبر من الانضباط الذاتي والتمسك بالقياس والمقارنة.

لا يمكننا كشف مخاطر الطريق إلى الرشاقة المؤسسية دون أن نعرّج على القادة والمديرين ودورهم الأساسي في الوصول إلى الرشاقة المطلوبة، فكم من مؤسسة همّت لتصبح رشيقة، ولكنها لم توفّق نتيجة ثقافة الإدارة التقليدية المنتشرة فيها، وعدم اقتناع المديرين بشكل كامل بهذا المسير، فلا نسمع لجهود التوعية والتدريب والتمكين صدىً، وتبني المؤسسة وتبذل في ذلك من مواردها الثمينة، ولكنها تكتشف أن بناءها واهن لأن أساسها هش وقواعدها ضعيفة.

تفلح المؤسسات في الوصول إلى الريادة عندما تعي جيداً الوجه الآخر للرشاقة، فتتجنب شعابها وأزقتها، وتحرص على السير في دربها الواسع الرحب.

د. راسل قاسم 


الأربعاء، 7 أبريل 2021

عندما يقترن النجاح بما لا يمكن قياسه


من المعروف وجود عوامل محددة وواضحة تؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المخرجات بشكل عام سواء كنا نتكلم عن شخص، أو مؤسسة، او اقتصاد دولة.

تتناول الدراسات الاقتصادية والتحليلات هذه العوامل جميعاً وتنهكها بحثاً وفرزاً وتصنيفاً وفي النتيجة، نجد جبل الجهد هذا ينهار أمام سؤال من قبيل: لماذا يفشل مشروع وينجح آخر مع أنهما قد سخّرا ذات المواد والموارد وطبقّا ذات الأنشطة والعمليات؟ أو لماذا تتمتع اقتصاديات الدول المتقدمة بكفاءة أعلى بكثير من اقتصاديات الدول النامية؟ وغير ذلك من الأسئلة التي تشي بوجود عوامل أخرى ومدخلات تؤثر على النجاح هنا والفشل هناك.

لست أول من طرح هذا التساؤل فهناك من فكّر به قبلي بزمن طويل، من هؤلاء هارفي ليبنشتاين حيث أطلق على هذه العوامل المجهولة مسمّى “معامل الكفاءة X” ويقصد به معامل الكفاءة المجهولة.

فسّر هارفي هذا المعامل بأنه كل ما لا يمكن قياسه ويؤثر على الإنجاز وجودة العمل، ولعلي إذا ما قمت بنثر بعض هذه العوامل المجهولة أن تصبح جلية تحت ناظريك عزيزي القارئ.

تحتّل العوامل النفسية نصيب الأسد من معامل الكفاءة المجهول هذا، وقد أثبتت عدة أبحاث وتجارب تأثير بعض العوامل النفسية على كل من الإنتاجية والكفاءة، ومن هذه العوامل أن المشاريع والمؤسسات التي تربط بين موظفيها علاقات صداقة تكون أكثر كفاءة مقارنةً بغيرها من المؤسسات، وكذلك فإن المشاريع ذات الحجم الصغير تكون أكثر إنتاجية وابتكاراً من الأكبر حجماً، لذلك نلاحظ لجوء بعض الشركات إلى تقسيم نفسها إلى وحدات وفروع متعددة مستقلة أو شبه مستقلة. أضيف إلى ما ذكرت شعور الموظفين بالمراقبة، فكان لاستبدال المراقبة المباشرة بالمراقبة والمتابعة غير المباشرة من خلال استخدام التقنيات الحديثة أثر واضح على زيادة كل من الكفاءة والإنتاجية.

في جعبة معامل الكفاءة المجهول أيضاً عوامل أخرى مثل المحفزات التي ثبت دورها في زيادة الإنتاجية وتخفيض التكلفة، وأيضاً خفض ساعات العمل فقد أظهرت الأبحاث ارتباط خفضها بارتفاع الإنتاجية، ورفعها بزيادة الغيابات والصراعات وحوادث العمل.

ربّماً عليك إعادة النظر في قناعة أن النجاح مرتبط فقط بما يمكن قياسه.

د. راسل قاسم



السبت، 27 مارس 2021

لم يعٌد التحلي بالمرونة رفاهية ..






"يتطلب النجاح اليوم أن يكون لديك المرونة والدافع لإعادة التفكير والتحديث والتفاعل والاختراع"

بيل جيتس



أن تكون قادرًا على التأقلم مع جائحة عالمية أو منافس جديد بالسوق أو حتى مع فرد جديد بالفريق أو مدير جديد، قد تختلف آليات التأقلم ولكن تبقى مهارة التأقلم واحدة ويُمكن تعلمها وصقلها لتصبح ميزتك التنافسية كموظف أو مدير أو حتى كمؤسسة.

معضلة الشخص المعطاء والراكب المجاني

من المحمود دائماً البذل والعطاء ومشاركة المعارف بحيث يستفيد منها أكبر قدر من الناس. عندما تتوفر رغبة قوية في العطاء لدى المهنيين، نراها تؤثر...