لا بد أنك سمعت في أحد الاجتماعات من ينادي: ركّز على الصورة الكلية. وسمعت في مناسبة أخرى أحدهم يقول: الشيطان يكمن في التفاصيل.
يستمر هذا التجاذب بين الصورة العامة وبين التفاصيل في مختلف مناحي حياتنا المهنية، هنا عليك التفكير بشكل استراتيجي، وهناك عليك مسك عدسة مكبرة والغوص في عالم من المنمنمات.
يربط البعض نوع التفكير الواجب استخدامه بنوع المهمة أو المشكلة المراد التعامل معها، فلو كنت تفكر في مشكلة فنية متخصصة فعليك بالتفاصيل، أما لو كنت تفكّر في موضوع فني إبداعي فعليك بالصورة العامة.
ولكن هذا التوجه لا يضع نقطة على نهاية السطر. والدليل على ذلك أنه حتى في مجالات الفنون كالرسم نرى فنانين يغرقون في رسم تفاصيل شديدة التعقيد ويبدعون في ذلك، ونرى على الجانب الآخر فنانين عالميين مشهورين بلوحاتهم التي هي في غالبها ضرب بعض الألوان هنا وهناك دون إلقاء أي اهتمام بأي تفصيل.
ما بين التفكير العام والتفكير التفصيلي، ربما عليك اختيار المستوى المناسب من التفكير الذي يجمع شيئاً من الاثنين، فلا تتخلى عن التفاصيل لكيلا تضيع في العموميات، ولا تنجّر على التفاصيل فيضيع طريقك ومقصدك.
لا شك أن القدرة على سلوك هذا الطريق ليست بالأمر اليسير، وإنما عليك التدبر في ذلك ملياً، فقد تحتاج في لحظة معينة إلى القفز إلى تفصيل معين والعودة سريعاً إلى مسارك، أو قد تضطر إلى ركوب طائرة تعلو بك للحظات فترنو إلى المنظر الرحب في الأسفل وتعود بعدها مباشرة إلى طريقك الأول.
لا تخدع نفسك بالقول أن عملي فني ودقيق ويحتاج التركيز على التفاصيل، فكم من عمل دقيق انهار لأنه انجرف في طريق دون أن يدري، وكم من مشاريع وأفكار كبيرة وضخمة فشلت لتفصيل صغير لم اعتباره بسبب تفاهته.
الكاتب
د. راسل قاسم
المصدر
www.rasselkassem.com/articles/%d9%87%d9%84-%d9%81%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%8b-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%8a%d8%b7%d8%a7%d9%86-%d9%8a%d9%83%d9%85%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d8%a7%d8%b5%d9%8a%d9%84%d8%9f/
يستمر هذا التجاذب بين الصورة العامة وبين التفاصيل في مختلف مناحي حياتنا المهنية، هنا عليك التفكير بشكل استراتيجي، وهناك عليك مسك عدسة مكبرة والغوص في عالم من المنمنمات.
يربط البعض نوع التفكير الواجب استخدامه بنوع المهمة أو المشكلة المراد التعامل معها، فلو كنت تفكر في مشكلة فنية متخصصة فعليك بالتفاصيل، أما لو كنت تفكّر في موضوع فني إبداعي فعليك بالصورة العامة.
ولكن هذا التوجه لا يضع نقطة على نهاية السطر. والدليل على ذلك أنه حتى في مجالات الفنون كالرسم نرى فنانين يغرقون في رسم تفاصيل شديدة التعقيد ويبدعون في ذلك، ونرى على الجانب الآخر فنانين عالميين مشهورين بلوحاتهم التي هي في غالبها ضرب بعض الألوان هنا وهناك دون إلقاء أي اهتمام بأي تفصيل.
ما بين التفكير العام والتفكير التفصيلي، ربما عليك اختيار المستوى المناسب من التفكير الذي يجمع شيئاً من الاثنين، فلا تتخلى عن التفاصيل لكيلا تضيع في العموميات، ولا تنجّر على التفاصيل فيضيع طريقك ومقصدك.
لا شك أن القدرة على سلوك هذا الطريق ليست بالأمر اليسير، وإنما عليك التدبر في ذلك ملياً، فقد تحتاج في لحظة معينة إلى القفز إلى تفصيل معين والعودة سريعاً إلى مسارك، أو قد تضطر إلى ركوب طائرة تعلو بك للحظات فترنو إلى المنظر الرحب في الأسفل وتعود بعدها مباشرة إلى طريقك الأول.
لا تخدع نفسك بالقول أن عملي فني ودقيق ويحتاج التركيز على التفاصيل، فكم من عمل دقيق انهار لأنه انجرف في طريق دون أن يدري، وكم من مشاريع وأفكار كبيرة وضخمة فشلت لتفصيل صغير لم اعتباره بسبب تفاهته.
الكاتب
د. راسل قاسم
المصدر