جميعنا "آخذ بنفسه مقلبا" ويعتقد أنه المرجع فيما يختلف عليه الناس.. جميعنا يعتقد أنه على صواب وأن الأمر (لو كان بيده) لفعل كذا وكذا وأصلح مشاكل الكون في ساعات.
ولكن الحقيقة هي أن هذا يدعى "غرورا" وأكثر المغرورين غباء من لا يدرك هذه النقيصة في نفسه.. أما أكثرهم ذكاء وحكمة فيدرك صغر عقله وضآلة فهمه ومغزى الحكمة القديمة:
"من شاور الناس شاركهم عقولهم".
أما الحكمة الجديدة فتقول:
"إن الله حين وزع الأرزاق لم يرضَ إنسان برزقه، ولكن حين وزع العقول رضي كل إنسان بعقله".
وهذه المقولة تبدو لي بديهية جدا لأن ما من إنسان إلا ويطمح في الغنى والثراء ويعتقد أن من حقه الحصول على دخل أعلى.. ولكن حين يتعلق الأمر بالعقول تلاحظ حالة رضا وتصالح مع الذات كون "عقولنا" هي من يحكم على "عقولنا" ويشهد لها بالذكاء والألمعية (ولا أعلم ماذا تصف عقلا يحكم على نفسه بغير الغباء والغرور المركب)!!
لهذا السبب تعلم شخصي المتواضع ألا يحكم بنفسه على آرائه وأفكاره (ومقالاته) ويترك هذه المهمة للجمهور.. وأقول "الجمهور" لأنني لا أحمل هم الآراء الفردية الضيقة بقدر الآراء الجماعية المشتركة كون "المجموعة" لا تتفق على خطأ، وأمة محمد لا تجتمع على ضلالة!!
- ولكن ماذا عنك أنت!؟
.. سأكون صريحاً معك.. فكما نحكم على الكتاب من عنوانه، وعلى الشجرة من ثمارها، يجب أن نحكم عليك أنت (ليس من خلال نظرتك لنفسك) بل من خلال إنجازاتك في الحياة..
- فأنت مثلا لستَ ذكياً في حال لدغت من جحر"مرتين" أو كررت نفس أخطائك المالية السابقة (كإدمان القروض، أو معاودة التقسيط، أو شراء الأسهم الخاسرة)!!
- لستَ ذكياً كما تعتقد إن كنت على نزاع دائم مع أقربائك وأصدقائك وزملائك في العمل.. فهذا ببساطة دليل على افتقادك للذكاء الاجتماعي!!
- لستَ ذكياً كما تبدو في حال كنت متمسكاً بوظيفة متواضعة ولم تفكر بحل أفضل طوال الثلاثين عاماً الماضية (والأسوأ من ذلك استمرارك في العيش في عمارة والدك)!!
- لستَ ذكياً إن كنت تشعر أنك مشغول على الدوام.. فهذا الشعور يعني أنك فوضوي وغير مستعد ولا تملك خطة عمل (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)!!
- لستَ ذكياً في حال امتلكت مشاكل معلقة منذ سنين لأن هذا دليل على عجزك عن جدولة أعمالك، وتنويع حلولك، والتفافك حول العقبات!!
- لستَ ذكياً كما تبدو في حال لم تتعلم طوال العشرين عاماً الماضية كيفية إنجاز أشياء بسيطة مثل تغيير زيت السيارة، أو ضبط التلفزيون - أو تتساءل لماذا لا يخرج شعاع ليزر من "قرص الليزر"!
- لستَ ذكياًً في حال كنت تثرثر على الدوام أو تتحدث أكثر مما تنصت - فالله خلق لنا أذنين ولساناً واحداً كي نسمع ونستفيد أكثر مما نثرثر ونضيع أوقات الآخرين!!
- لستَ ذكياً إن كنت ضعيف الملاحظة لدرجة لم تدرك أن زوجتك صبغت شعرها منذ أسبوع أو قصته منذ شهر - أو أن أذكى أصدقائك يتميز بطول الصمت وكثرة التأمل ولايضيع وقته بمحاولة إقناع الآخرين.
- بصراحة لستَ ذكياً كما تبدو إن كنت تكره الكتب والموسوعات وتفضل عليها المتعة السهلة كمشاهدة الأفلام ومتابعة المباريات وألعاب الكمبيوتر..
وبصراحة أكبر ستظل غبياً ومتحجر الفكر إن لم تقرأ (إلا) ما يوافق ميولك ويوائم ثقافتك المحلية كون الذكاء ينمو بتصارع الأفكار وتنوع الآراء ومشاركة العظماء تجاربهم في الحياة..
حبيب قلبي:
لا تثرثر أمام الناس محاولاً الإيحاء كم أنت ذكي وألمعي وابن عائلة محترمة (فهذا والله قمة الغباء) بل أصمت ولاحظ وتعلم، ثم دع إنجازاتك تتحدث عنك.. فالناس تحكم على الكتاب من عنوانه، والشجرة من ثمارها، وتدرك أن ما أنجزه والدك أمر لايخصك.
بقلم فهد عامر الأحمدي
المصدر
جريدة الرياض ( المصدر)
العدد 16569 الاثنين 30 ذوالحجة 1435 هـ - 04 نوفمبر 2013م
ولكن الحقيقة هي أن هذا يدعى "غرورا" وأكثر المغرورين غباء من لا يدرك هذه النقيصة في نفسه.. أما أكثرهم ذكاء وحكمة فيدرك صغر عقله وضآلة فهمه ومغزى الحكمة القديمة:
"من شاور الناس شاركهم عقولهم".
أما الحكمة الجديدة فتقول:
"إن الله حين وزع الأرزاق لم يرضَ إنسان برزقه، ولكن حين وزع العقول رضي كل إنسان بعقله".
وهذه المقولة تبدو لي بديهية جدا لأن ما من إنسان إلا ويطمح في الغنى والثراء ويعتقد أن من حقه الحصول على دخل أعلى.. ولكن حين يتعلق الأمر بالعقول تلاحظ حالة رضا وتصالح مع الذات كون "عقولنا" هي من يحكم على "عقولنا" ويشهد لها بالذكاء والألمعية (ولا أعلم ماذا تصف عقلا يحكم على نفسه بغير الغباء والغرور المركب)!!
لهذا السبب تعلم شخصي المتواضع ألا يحكم بنفسه على آرائه وأفكاره (ومقالاته) ويترك هذه المهمة للجمهور.. وأقول "الجمهور" لأنني لا أحمل هم الآراء الفردية الضيقة بقدر الآراء الجماعية المشتركة كون "المجموعة" لا تتفق على خطأ، وأمة محمد لا تجتمع على ضلالة!!
- ولكن ماذا عنك أنت!؟
.. سأكون صريحاً معك.. فكما نحكم على الكتاب من عنوانه، وعلى الشجرة من ثمارها، يجب أن نحكم عليك أنت (ليس من خلال نظرتك لنفسك) بل من خلال إنجازاتك في الحياة..
- فأنت مثلا لستَ ذكياً في حال لدغت من جحر"مرتين" أو كررت نفس أخطائك المالية السابقة (كإدمان القروض، أو معاودة التقسيط، أو شراء الأسهم الخاسرة)!!
- لستَ ذكياً كما تعتقد إن كنت على نزاع دائم مع أقربائك وأصدقائك وزملائك في العمل.. فهذا ببساطة دليل على افتقادك للذكاء الاجتماعي!!
- لستَ ذكياً كما تبدو في حال كنت متمسكاً بوظيفة متواضعة ولم تفكر بحل أفضل طوال الثلاثين عاماً الماضية (والأسوأ من ذلك استمرارك في العيش في عمارة والدك)!!
- لستَ ذكياً إن كنت تشعر أنك مشغول على الدوام.. فهذا الشعور يعني أنك فوضوي وغير مستعد ولا تملك خطة عمل (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)!!
- لستَ ذكياً في حال امتلكت مشاكل معلقة منذ سنين لأن هذا دليل على عجزك عن جدولة أعمالك، وتنويع حلولك، والتفافك حول العقبات!!
- لستَ ذكياً كما تبدو في حال لم تتعلم طوال العشرين عاماً الماضية كيفية إنجاز أشياء بسيطة مثل تغيير زيت السيارة، أو ضبط التلفزيون - أو تتساءل لماذا لا يخرج شعاع ليزر من "قرص الليزر"!
- لستَ ذكياًً في حال كنت تثرثر على الدوام أو تتحدث أكثر مما تنصت - فالله خلق لنا أذنين ولساناً واحداً كي نسمع ونستفيد أكثر مما نثرثر ونضيع أوقات الآخرين!!
- لستَ ذكياً إن كنت ضعيف الملاحظة لدرجة لم تدرك أن زوجتك صبغت شعرها منذ أسبوع أو قصته منذ شهر - أو أن أذكى أصدقائك يتميز بطول الصمت وكثرة التأمل ولايضيع وقته بمحاولة إقناع الآخرين.
- بصراحة لستَ ذكياً كما تبدو إن كنت تكره الكتب والموسوعات وتفضل عليها المتعة السهلة كمشاهدة الأفلام ومتابعة المباريات وألعاب الكمبيوتر..
وبصراحة أكبر ستظل غبياً ومتحجر الفكر إن لم تقرأ (إلا) ما يوافق ميولك ويوائم ثقافتك المحلية كون الذكاء ينمو بتصارع الأفكار وتنوع الآراء ومشاركة العظماء تجاربهم في الحياة..
حبيب قلبي:
لا تثرثر أمام الناس محاولاً الإيحاء كم أنت ذكي وألمعي وابن عائلة محترمة (فهذا والله قمة الغباء) بل أصمت ولاحظ وتعلم، ثم دع إنجازاتك تتحدث عنك.. فالناس تحكم على الكتاب من عنوانه، والشجرة من ثمارها، وتدرك أن ما أنجزه والدك أمر لايخصك.
بقلم فهد عامر الأحمدي
المصدر
جريدة الرياض ( المصدر)
العدد 16569 الاثنين 30 ذوالحجة 1435 هـ - 04 نوفمبر 2013م