معركة المولد النبوي الشريف
أنه مما يؤسف له غاية الأسف أنه ما أن يحل شهر ربيع الأول من كل عام هجري إلا و رأيت المسلمين قد حصل بينهم الانقسام وتحزبوا إلى فريقين بناء على قضية خلافية تتعلق بجواز الإحتفال بالمولد النبوي الشريف من عدمه. ويتمادى بهم الاختلاف ويحتد إلى أن يصل في بعض الأحايين إلى أن يشكك كل فريق في معتقد الآخر ، حيث يحشد كل فريق أدلته وحججه الشرعية لينقض بها على رأي مخالفه في جدل لا ينتهي ولا يثمر .
وأساس هذا الاختلاف بين الفريقين في نظري يرجع إلى عدم التفرقة ما بين الفرح لمولده صلى الله عليه وسلم وبين الاحتفال به.
فالجميع من كلا الفريقين مجمعٌ على أن الفرح بمولده صلى الله عليه وسلم من الإيمان ونقيضه من الكفر، إذ لا يتصور من مسلم أن يبغض ميلاد نبيه صلى الله عليه وسلم ولا اليوم الذي ولد فيه، سواء كان ذلك من القائلين بجواز الاحتفال أو من القائلين بعدم جوازه فالكل فرح بمقدمه ومبعثه صلى الله عليه وسلم وباليوم الذي ولد فيه، وهي قضية لا يشكك فيها كلا الفريقين.
فإذا ما كان هذا الأصل وهو الفرح بميلاده صلى الله عليه وسلم يتفق عليه الفريقان ويشتركان فيه وهو مسألة إيمانية قلبية بحتة ، فإن قضية الاحتفال وهي المظهر أو التعبير الحسي لهذا الفرح يجب أن يبقى مسألة فرعية وزائدة عن / أو على الأصل المشترك، ومن ثم فإنها لا تستحق أن تكون سببا للانقسام وتبادل الاتهام بين الفريقين طالما يجمعهما شعور واحد مشترك وهو فرح الجميع بمولده ومبعثه صلى الله عليه وسلم، إذ لا يؤثر الاحتفال أو عدم الاحتفال على حقيقة وجود الفرح في قلب كل مسلم تجاه ميلاد نبيه صلى الله عليه وسلم.
و عليه فلنعش أخوانا متحابين في ظل هذا الأصل المشترك و ندع أسباب الفرقة و الخلاف في ذلك المظهر الزائد و نترك أمر القيام به من عدمه لقناعات كل فرد من المسلمين بحسب ما يراه أمثل و أنسب للتعبير عن ذلك الفرح في رأيه .
بقلم د. محمد الخزرجي - أبوظبي.
المصدر