الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

مطلوب محرم لممثلة الشعب! عكاظ

مطلوب محرم لممثلة الشعب !

في أغلب البرامج الفضائية التي تناولت قرار منح المرأة عضوية مجلس الشورى، بالإضافة إلى منحها حق الترشيح والانتخاب في المجالس البلدية ظهرت سيدة غريبة الأطوار شديدة التهافت على الفضائيات وهي ترتدي ثيابا خضراء أو تضع العلم السعودي على كتفها، وقد سألني أحد الزملاء «هل يعني الاخضرار المكثف لهذه المرأة المزيد من الوطنية؟»، فأجبت «هي واحدة من اثنتين .. إما أن المنتخب يلعب الليلة دون أن نعلم .. وإما أن هذه المرأة الخضراء تؤيد ثورة الفاتح ولكنها لا تعلم بسقوط القذافي»!.

وللتوضيح أنا لا أنكر حق أي مواطن أو مواطنة في إبداء رأيه حول القضايا العامة باستثناء هذه المرأة الخضراء!، لأنها تقدم نفسها دائما باعتبارها ناشطة في حملة «ولي أمري أدرى بأمري»، فإذا كانت مؤمنة حقا بمشروعها هذا فالأولى أن ترسل ولي أمرها إلى المحطات الفضائية العالمية كي يتحدث بالنيابة عنها و «يحوس» الحوارات الشائكة كما يشاء، لأنه أدرى بأمرها وأعلم!.

على أية حال نحن في هذا البلد لا نحتاج والحمد لله لارتداء الملابس الخضراء كي نثبت ولاءنا، خصوصا وأننا «كلنا عيال قريه وكل يعرف خيه»!، لذلك سوف أدخل في الموضوع مباشرة لأقول بأنني رغم اعتزازي بكل خطوة تمنح المرأة في بلادي بعضا من حقوقها الغائبة إلا أنني صدمت ببعض التصريحات التي صدرت بعد الإعلان عن دخول المرأة مجلس الشورى مباشرة، حيث لم تتركز هذه التصريحات على الأدوار التي يمكن أن تلعبها المرأة في مجلس الشورى بقدر ما تركزت على ضرورة تصميم مداخل خاصة بالنساء وإيصال رأيها عبر الصوت فقط كي لا تختلط أو «تحتك» بالأعضاء الرجال!.

لقد بالغ هؤلاء المسؤولون في الحديث عن ما أسموه بـ «الضوابط الشرعية» لمشاركة النساء في مجلس الشورى، والتي عرفها معالي وزير العدل بقوله «ضوابط الشرع هي أن تؤدي المرأة مشورتها بعفة وصيانة وكرامة بعيدة عن الاحتكاك بالرجل في سياق مواطن الشبه والريب»!، ثم تواصلت التصريحات حول ضرورة مشاركة المرأة في المجلس بصوتها فقط من خلال وجودها في طابق والرجال في طابق آخر!، وهكذا «أطبق» على مبدأ المساواة في العضوية قبل أن تبدأ فعلا وعدنا للحديث عن هواجس الاختلاط والجدل المثير للغبار حول أهمية الحواجز والطوابق «وطبق طبقنا طبق في طبق طبقكم»!.

مثل هذا التشويش المبكر يتجاوز حقيقة أننا نتحدث عن مؤسسة سياسية مرموقة تنقل جلستها على شاشة التلفزيون، وأن المرأة عضو مجلس الشورى يفترض أنها تمثل الشعب بمختلف شرائحه، وهي ليست في حاجة لمن يحرص عليها بل هي التي يجب أن تحرص علينا!، فهي بهذه الصورة لا تملك حرية الحركة التي تتمتع بها الطبيبة أو الممرضة السعودية، بل إنها تتحرك في السوق والطائرة والمؤتمرات العامة بصورة أسهل بكثير من حركتها داخل مجلس الشورى، رغم أن مسؤولياتها تفرض عليها تلقي شكاوى المواطنين والاحتكاك بمختلف شرائح المجتمع، وإذا كان الكثير من العامة يتمسكون دائما بالسؤال السطحي «ترضى زوجتك تسوق سيارة ؟»، فإنني مضطر اليوم لاستخدام الصيغة العامية ذاتها كي أسأل هؤلاء المسؤولين «ترضون ممثلة الشعب تختبئ في طابق معزول»؟!.

عموما إذا كانت كل استعداداتنا لمشاركة المرأة في مجلس الشورى تنحصر في تأمين مداخل خاصة بها ووضعها في طابق بعيد عن طابق الرجال فإنني أرشح تلك المرأة الخضراء كي تمثلني في مجلس الشورى، فالأفكار المشوشة لا يعالجها إلا أفكار أكثر تشويشا، «وقولوا يا الله يا الله خضر الفنايل .. قولوا يا الله يا الله سووا الهوايل»!.

الكاتب : خلف الحربي klfhrbe@gmail.com

المصدر :  http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20111003/Con20111003448495.htm

 

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

من أين جاءت قدسية “الخميس”؟!

من أين جاءت قدسية "الخميس"؟!

لخبر الذي تم تداوله حول تغيير الإجازة الأسبوعية من الخميس والجمعة، إلى الجمعة والسبت، كشف عن طريقة تفكيرٍ عجيبة، ذلك أن الرفض للتغيير يعبر عن إلفة الشيء أكثر من الاقتناع به، فقدم ما ألفه الناس يفضي أحياناً إلى تقديسه. مع أن تغيير الإجازة سيمسّ يوم الخميس فقط، لتكون الإجازة يوم السبت بدلاً من الخميس، أما الجمعة فهو يوم لم يتحدث أحد عن تغييره كيوم إجازة. ولا أدري ما الذي منح يوم الخميس كل هذه الهالة والقدسية، مع أن يوم الخميس مثل يوم السبت والثلاثاء والاثنين وسواها من الأيام، ليست له قيمة شرعية. فلماذا يخافون إذاً من تغيير الإجازة من الخميس إلى السبت؟!

يألف البعض أشياء يخافون من تغييرها، مع أنهم لا يجدون لإلفتهم تلك مستنداً شرعياً، كل الذي يعرفونه أن الاعتياد على الشيء يمنحهم الطمأنينة والسكينة. مع أن العالم في معظمه إجازته يومي الجمعة والسبت، حتى الدول الإسلامية التي لا تقلّ عنا تقوىً ولا تمسكاً بالدين، سواء في دول الخليج أو الدول الإسلامية الأخرى. وتغيير الإجازة من الخميس إلى السبت يعطينا مكاسب اقتصادية، بحيث نكون ضمن العالم وضمن الحركة الاقتصادية الحيّة. تغيير الإجازة ليس خروجاً على الثوابت ولا اعتداءً عليها، بل هو اختيار طبيعي له مبرراته الاقتصادية والاجتماعية وفيه مواكبة للدول الأخرى، فالعالم صار قريةً واحدة، ولا يمكننا البقاء إلى الأبد متمسكين ومقدّسين ليوم عادي مثل "الخميس"، مع العلم أن عهد الخميس بالإجازة حديث لا يتجاوز ثلاثة عقود!

نموذج الرفض لاستبدال يوم الخميس بيوم السبت، لا يعبر فقط عن تمسك اعتباطي بيوم عادي، بل عن كراهية لفكرة التغيير. مع أن مثل هذه القرارات تغير روتيننا المعتاد. حين جاءت مشاريع التنمية العقارية في السعودية واستبدال بيوت الطين بالبيوت الحديثة الأسمنتية رفض البعض الخروج من بيت الطين المتهالك، واضطرت الدولة لمجاملة بعضهم. مثل هذا الرفض الاعتباطي وغير المبرر منطقاً وديناً وعقلاً هو الذي يشرح لنا كيف أننا نخاف من التغيير، ونقدس لا شعورياً الكثير من العادات.

قال أبو عبدالله غفر الله له: لنجرب السبت كإجازة، فربما أحببناه، ولنترك التعصب ليوم الخميس، وليكن هذا التغيير نافذةً لتغيير روتيننا مع الإجازة الأسبوعية، ومع الكثير مما أدمنا اعتياده من دون أن ندرك وجه التقديس، وسبب التعلق، فلا قدسية ليوم الخميس أيها السادة، فلنجرب هدوء السبت.


الكاتب :  تركي الدخيل

المصدر : http://www.turkid.net/?p=3260





تاريخ - التهريب - بحثاً عن لقمة العيش




 

«التهريب» بحثاً عن لقمة العيش!

مقايضة الموسم بين «طفارى نجد» ما عندهم إلاّ أقط وسمن وجراد و«هوامير» الكويت والعراق والشام يصدرون «الأرزاق» والملابس و«القاز»

 

 


قافلة مهربين محملة بالأرزاق والملابس تقطع أحد الأودية بعيداً عن أعين حرس الحدود

الأسياح- سعود المطيري

لم تكن كلمة «تهريب» قد ارتبط معناها بالمخدرات والممنوعات و العصابات الدولية التي كانت تمارس نوعاً من تجارة الرق بل ارتبط كذلك بسكان وسط الجزيرة الذين كانوا يحاولون جلب الطعام والملابس والاحتياجات المعيشية الأخرى من دول مجاورة، مثل الكويت والعراق والشام مع بداية تطبيق الضريبة الجمركية، وكان وقتها بعض الآباء والأجداد يستخدمون الإبل والحمير والدواب في عملياتهم التي لا تخلو من المخاطرة، ويمارسون التمويه وكل أنواع الحيل ليمرقوا من بعض نقاط جمركية ثابتة، ودوريات الهجانة الذين يجوبون الصحراء للبحث عن أي مهرب يشبعونه ضرباً، ويصادرون بضاعته، ووسيلة النقل التي يستخدمها قبل أن يؤخذ إلى «الدباب»، وهو الحبس أو السجن، إلى أن جاءت السيارة مع بداية الخمسينيات والستينيات الميلادية متزامنة مع بداية تطبيق الضريبة الجمركية على «التتن» أو الدخان بصنفه المشهور والمعروف آنذاك «أبو بس» كأشهر البضائع المهربة وأكثرها ربحاً.

مقايضة الموسم.

فترة امتلأت بالأحداث والطرائف والحيل وحكايات المغامرين، بدأها جيل مستخدمي الجمال والخيول والحمير الذين يحصلون على بضائعهم من أسواق وموانئ الكويت فترة الاستعمار البريطاني كأشهر الأسواق في الخليج، حيث يقايضون بها منتجات الربيع من السمن والاقط والصوف والجراد والحطب والحشائش التي يتصدرها أشجار «العرفج» الذي يستخدم هناك أوله علفاً، وآخره حطباً يحصلون مقابلها على حاجتهم من الطعام غالباً الرز، والدقيق، والقهوة، والهيل، والملابس وصفائح (القاز)، وكان أغلبهم ينجو من هجانة خفر السواحل والنقاط والمخيمات الجمركية في الصحراء لضعف الإمكانات عند هؤلاء وانتهاج «المهربة» طرق وأساليب النجاة المتعددة، أهمها تسيير فرق استطلاعية «سبور» من شخص أو شخصين على هيئة مسافرين يسيرون أمامهم، ويرسمون لهم علامات أرضية متفق عليها تنبههم إلى وجود الخطر وتحدد اتجاه المسلك عندما يستدعي الأمر ذلك.


مهربون يتعثرون في الصحراء..حياة أو موتاً

نكبة الحمار!

كما كانوا يفضلون الاستكانة في النهار في مكان منخفض والسير ليلاً بعد تكميم وربط أفواه الإبل حتى لا تصدر «رغاء» تصحو عليه دورية نائمة، فيتتبعون أثرهم من بعيد إلى أن يظهر عليهم النهار ثم يقبض عليهم.

كان الحمار -أجلكم الله- الوسيلة التي لم ينفع معها حيل التكميم وربط الفم، وكثيراً ما كان يدل عليهم بنهيقه المتكرر في الوقت الحرج، وربما قرب دورية هاجعة يمرون بها فتهب لملاحقتهم لكن «المهربة» توصلوا إلى «اختراع شيطاني» يسكتون به صوت الناهق بعد حقن أمعاء الحمار ليلاً بكمية من الزيت (تخربط) داخله عملية التحكم بهواء الشهيق والزفير الذي يحتاجه للنهيق من فمه، وبالتالي لا يستطيع أكثر من أن يفتح فمه، ويغلقه دون إظهار صوت عندما يتحول كل جهد يبذله إلى مكان «حقن الزيت».

الحمار «أبو النكبات».. ما يناهق إلاّ عند «دوريات الحدود» وعلاجه حقن أمعائه بالزيت حتى يصمت

الريال العربي

في فترة أخرى مُنع منعاً باتاً الخروج بالريال العربي، وهو مسكوك معدني والعبور به خارج الحدود للحفاظ عليها كرصيد داخل البلاد، وكان من وجدت معه تصادر منه ويعاقب، لكن «المهربة» صاروا يخفونها داخل بطون الابل بعد أن تلقم لها بكرات من التمر والخبز، ويُدفع بها إلى بطون الابل يختارون منها الهزيلة والضعيفة وكبيرة السن، وبمجرد تجاوز الحدود يتم ذبحها واستخراج العملة، ومن ثم أكل أو بيع لحمها.

ويذكر ل»الرياض» «أبو ثامر» -أحد جيل التهريب الاوائل- عندما كان وزملاؤه يتشاورون حول الطريقة المثلى لإخفاء ما يحملونه من عملة معدنية بالقرب من الحدود؛ داهمهم هجانة خفر السواحل فركضوا على عجل، ووضعوا كل ما يملكون داخل جلد ذبيحة متعفن ألقوه على شجرة دون أن يلفت أي شكوك، وعندما أوشكت الدورية على إتمام عملية تفتيش محتوياتهم انقض كلب سائب على الجلد الذي يخفون داخله النقود، وخطفه هارباً إلى الصحراء، وفي هذه الاثناء نسوا كل شيء وتقافزوا إلى ظهور مطاياهم لمطاردة الكلب الذي أمطروه بوابل الرصاص إلى أن قتلوه، واستعادوا الجلد المنهوب ومعه صرة الريالات وسط ذهول وتعجب المفتشين!.

تهريب دخان «أبو بس» أشعل التحدي بين سيارتي «عنتر ناش» و«الهاف»..

دخان «أبو بس»

ومع بداية استخدام السيارة كما ذكرنا في الخمسينيات والستينيات الميلادية؛ تركز التهريب على الدخان، ومنه الصنف الذي اشتهر ب»القريفن» أو «أبو بس»، بعدما أُخضع الدخان بشكل عام للجمرك، فكان المهرب يعطى سيارة بحمولتها وبدون لوحات أو أي أوراق إثبات ملكية، ويسمى وضع السيارة في هذه الحالة (مر)، بينما يقال عن وضعها (حر) إذا كانت تحمل أوراقاً ثبوتية ينطلق بها من الكويت أو الأردن، وبمجرد أن يسلم الحمولة في المكان المحدد يكافأ بالسيارة الجديدة.

بطل أسطوري

المهمة ليست سهلة وتحتاج إلى «سائق حريف» وعارف بمسالك الصحراء ودروبها و(دليلة) يمتلك الشجاعة بمقدوره أن يقود سيارته ليلاً عبر الصحراء بلا أنوار إضاءة، ويقطع صحراء مثل الدهنا والثويرات (90 كم) مجتمعة في ليلة واحدة يتلمس الدروب معتمداً على مقدرته بتذكر مسالكها، تحاشياً لاكتشافه من قبل دوريات خفر السواحل، ووقوع معركة قد يلجأ بها إلى السلاح؛ لهذا تشكلت صورة المهرب في أذهان العامة كبطل أسطوري تغنوا بمغامراته وسيارته ومواجهاته الصحيح منها وغير الصحيح، والذي كان «المهربة» أنفسهم يضفون عليها مزيداً من الإثارة وينسجون قصصا لم تحدث، وركب الموجه آخرون لا علاقة لهم بالتهريب ليحظوا باحترام واعجاب عامة الناس حتى أن بعضهم لو أُصيب بشجة مستديمة من رفسة حمار أو عضة كلب لادعى بعد فترة أنها نتيجة مواجهه مسلحة مع دورية تهريب!.

إخفاء «الريال العربي» في بطون الإبل.. وحيلة «جلد الذبيحة» أفسدها «الكلب»!

تحدي «عنتر ناش» و»الهاف»

في تلك الفترة انتشر ما نستطيع أن نطلق عليه «أدب التهريب» يتمثل في تلك القصص والروايات والمساجلات الشعرية وقصائد الفخر؛ نتيجة المبالغة في تصوير المهرب كبطل مغامر في زمن انقطعت فيه الفروسية قبل أن يشعل رجال خفر السواحل ودوريات الحدود حرباً بينهم وبين «المهربة» لا علاقة لها بالتهريب بين ماركتين من السيارات (العنتر ناش- والهاف)، بعدما دخلت الخدمة لديهم نوع جديد من السيارات زود بها رجال حرس الحدود اسمها (عنتر ناش) التي أثارت تهكم وسخرية «المهربة»، والتشكيك بعدم فعالياتها ومجاراتها لسياراتهم المعروفة ب (الهاف)، وحدث مساجلات شعرية دامت لسنين نذكر بعضاً منها مع تجاوز بعض ما جاء فيها والتي بدأها شاعر الدورية أثناء ماقال:

ياهل الهافات (عنتر ناش) جاكم

واعنا من صادفه بارض خليه

لعنبوكم هونوا جاكم عناكم

جاكم الموت الحمر ماهي زريّه

هفوة زلّت لكم وإكلوا (....)

بيعوا الهافات بأقيام رديّه

وإعلموا وإدروا ترانا في قفاكم

ومن يقاوي له جبل ما راح نيّه

ياهل الهافات عابينا عباكم

الفروت اجداد والعزبه قويّه

ياهل الهافات خيّبنا رجاكم

نحمد اللي قدرته ماهي خفيّه

بيعوا الهافات ردوا في سراكم

خلّوا السمره وطّوالت الحنيّه

الدهر ذعذع لكم ثمٍ جفاكم

وإفهموا وإدروا ترى في الجحر حيّه

خسرت الشركة وخيّبنا ثناكم

وبعضكم بالقسط ما خلّص وديّه

ياهل الهافات حنا من وراكم

والسعد قدامنا في كل هيّه

تحت حكم اللي عن المنكر نهاكم

عن طريق الدين تلقون المنيّه

عندنا اللي يمرجن باقي شواكم

خمسه وستين ضد الجندليّه

«المهرب» يحظى بمكانة بين الناس على أنه «بطل أسطوري» و«داهية زمانه»

بعد ذلك رد أحد شعراء التهريب موجهاً قصيدته لأهل الأبرق ويقصد دوريات مركز أبرق الكبريت الحدودي:

ياهل الأبرق تبّين لي خطاكم

والخطا راعيه يقنع بالخطيّه

يا عوينك وارد الستّه لفاكم

و(عنترك)خربان والخمسه رديّه

كم ونيت لا كمل حمله وطاكم

وقاعد بأرقابهن تثني الهديّه

وإن لحقتم موتره عنده دواكم

أرنب حمرا عيون مجادعيّه

ليرد عليه بعد ذلك شاعر سلاح الحدود:

يا سلاح الحد يوم الله عطاكم

لا تهابون الخطر والمخطريّه

خلوا الرشاش مركوز حداكم

والمخازن وسطها النار الصليّه

ياصحيبي وارد الخمسه خذاكم

وستّتك مع حملته ما راح نيّه

ربعنا صادوه عانه من وراكم

ما مشى ياكود ألف وخمسميّه

و(العناتر) ياعميلي في حراكم

والفروت الحمر وجنود السريّه

ياصحيبي ما مشينا في رضاكم

إن زعلتوا أو رضيتوا بالسويّه

ياهل الهافات ما خذتوا قضاكم

ما بكم قاصر ولكن معجزيّه

ياهل الهافات تالي منتهاكم

والله إنه عند سجن العسكريّه

مثل ناس كد وطاهم ما وطاكم

فعلهم كنّه عملكم بالسويّه

والحكومه رتبّتنا في نحاكم

نمنع المنكر عن أفراد الرعيّه

ويتهكم شاعر تهريب آخر على (عنتر) خفر السواحل بقصيدة أخرى:

أعبيد ورد لنا الهافات

عنده ترى البيع ممنوعي

هافات خمسات مع ستات

ياهيه يا قاصر البوعي

جميع يمشن وألا أفوات

والرزق ماهوب مقطوعي

بليا دفاتر ولا لوحات

والخط ما هوب مشروعي

مرّن على الهيس بالساعات

ما فاختن شوفه أسبوعي

ياهيه مرن عليك افوات

وكبوت (عنترك) مجدوعي

(عنترك) مخشوش بالغابات

مسبوع وأبوه مسبوعي

هافات ما تخالف العادات

كم طنب للهاف مشلوعي


الهاف الأحمر يتجاوز الرمال بمهارة سائقيه

ثم يرد عليه شاعر خفر السواحل:

ياعبيد يا امجمّع الخردات

من كل هيس وصعصعوعي

يا عبيد ما صار لك نوهات

ما غير (للتتن) جاموعي

خسران لو كان لك هافات

قلبك من الغبن منقوعي

ويقصد بعد ذلك شاعر تهريب آخر:

ياهل الهافات زيدوا سعرهنّه

إشتروهن نقد وإلا بالقصودي

ما حلا مرواحهن بحمولهنّه

جاوزوهن غيبة الشمس الحدودي

أبرق الكبريت لا زم يسهجنّه

مركزك بديار بيّاع الجلودي

ما بغنّه غصب لازم ياصلنّه

فوق والهافات عجلات الردودي

كل ما سكّر طريق يفتحنّه

يقطعن الطنب ويطيح العمودي

والدريسن حملهن من سامهنّه

وارد الهافات ما ينقص يزودي

(عنترك) بدروبهنّه حملنّه

أصبحن يالخبل عن حد النفودي

وكم صبي بالمساري زاد فنّه

ما ينام الليل والعالم رقودي


سيارات الأربعينيات تقف أمام حاجز تفتيش على مدخل راس تنورة

ثم يرد عليه شاعر خفرالسواحل متحدياً ومتوعداً:

من بغى التهريب هافه لا يحنّه

والخطر قدمه على حد الحدودي

إن نوى الله فكتّه ما فيه منّه

كل دربه لا مشى لينه سهودي

أو يصادف لا نوى ربي يعنّه

ياخذون الهاف وعيونه شهودي

والعوض من عقبها يخشر بسنّه

والنصيفه من حلاله للجنودي

مير وين أهل القلوب المرجهنّه

كانكم توفون للقول العهودي

مروا الأبرق وهن بحمولهنّه

عارضوا قدام بابه يالفهودي

خلوا العنتر يشوف أزوالهنّه

والخطوط اطوال والدرب امحمودي

وما حلا شوف البكم يرثع بشنّه

في عفاش القاع مع جدع الطرودي

وما حلا صفق الفشق بجنوبهنّه

والبرن يعدهن عد النقودي

وكل هاف فيه جندي يقنّه

والمهرب طايح ما فاد فودي


سيارة عنتر ناش موديل 46


سيارتا مهربين محجوزتان منذ 60 عاماً أمام قصر قبة بالقصيم


سيارة مهرب طمرتها الرمال وبقيت شاهدة على تاريخ لم يوثق

 




الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

محطة فى فرنسا لتوليد الكهرباء من "الشمام

أصبح الشمام عنصرا مهما لتوليد الطاقة فى مدينة مواساك الفرنسية بعد أن تم افتتاح أول محطة لتوليد الطاقة الخضراء صديقة للبيئة تنتج الكهرباء من هذه الفاكهة سريعة التلف، حيث لاحظت شركة "بواييه" وهى شركة مساهمة تضم أكثر من 100 من كبار مزارعي الفاكهة فى مواساك أنها تفقد سنويا أكثر من 2000 طن من الفاكهة معظمها من الشمام لعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي بعد تعرضها للتلف، فبادرت بإقامة محطة لتوليد الطاقة باستخدام الشمام كمصدر لها.

وذكرت مجلة "لوبوان" الفرنسية الأحد أن جويل بويير مدير شركة بواييه أكد أن شركة "جرين وات" البلجيكية المتخصصة فى إنتاج الطاقة النظيفة هي التي تولت إقامة هذه المحطة التي تستهلك سنويا 20 ألف طن من الشمام جانب كبير منه غير منتهى الصلاحية.

وأضافت أن الشركة اتفقت مع شركة كهرباء فرنسا "إو دى أف" على ربط محطتها بشبكتها العامة من أجل بيع كهرباء الشمام لها لتوفير التدفئة والكهرباء لعدد غير قليل من منازل مواساك.

يشار إلى أن المحطة الخضراء مزودة بأجهزة تقوم بتحويل الشمام بعد عصره إلى ميثان الذى يتولى تدوير توربينات توليد الطاقة، وتكلفت المحطة نحو 1.5 مليون يورو.

يذكر أن شركة بواييه اتفقت أيضا على إقامة مصنع لإنتاج المخصبات الزراعية من بقايا الشمام المعصور


.

 

 

الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

تسويق السعودية

سويق السعودية كدولة في هذا العالم المتغيّر يواجه تحديات كبرى لعل أبرزها يتمثل في احتدام المنافسة العالمية على حصص التجارة والسياحة والاستثمار واللوجيستيات، وكذلك عمق تجربة الدول الأخرى في السوق العالمي، وعراقة حضورها التاريخي في أذهان الناس، وأيضاً المعايير المنحازة التي توضع أحياناً بشكل يخدم مصلحة دول معينة - أو تكتلات دولية - على حساب دول أخرى. ما يوحد بين كل هذه التحديات هو كونها خارجية من حيث المصدر وموحّدة من حيث النوع، وتواجهها كل دولة تسعى لتسويق نفسها سواءً كانت البرازيل أو أستراليا أو ماليزيا. غير أن لكل دولة من هذه الدولة تحديات داخلية ذات طبيعة تختلف من دولة لأخرى. فالصين تعاني عند تسويق نفسها من سمعة حزبها الشيوعي الحاكم كسلطة قمعية ومن ملفات حقوق الإنسان المتراكمة فيها، وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تعاني من تاريخها الاستعماري الذي ما زالت جراحه بادية على أجساد دول عديدة في المنطقة؛ مما يجعل أي بادرة تسويقية من قبلهم مشوبة بالتوجس والكراهية المسبقة، والولايات المتحدة طالما عانت عند تسويق نفسها من سياساتها الدولية المنحازة وسمعتها كشرطيّ عالمي متقلب المصالح. فلا الحزب الشيوعي الحاكم في الصين مستعد للتنازل عن سلطته من أجل صورة تسويقية أفضل، ولا بريطانيا قادرة على محو تاريخها الاستعماري الطويل، بينما تحاول الولايات المتحدة الأميركية توظيف آلتها الثقافية الكبرى (إعلاماً ومجتمعاً وهجرة) للتقليل من أثر سياساتها الخارجية وتسويق نفسها بصورة أفضل.

أما في السعودية، فإن أبرز التحديات الداخلية التي تعيق عملية تسويقها دولياً هو عدم حضور مفهوم تسويق الدولة بشكل ملحّ في الإستراتيجية الاقتصادية؛ مما أدى إلى تضاؤل فرص نمو هذه الثقافة بشكل طبيعي حتى أصبح طرحها الآن يعدّ منفراً ومثيراً للريبة. فتسويق الدولة، بغض النظر عن جوهره العلميّ وضرورته الواقعية، يعكس لدى كثيرين حالة مبتذلة يربأ البعض بدولة مثل السعودية أن تنخرط فيها. وكذلك فهي حالة مثيرة للريبة خشية أن يؤدي ذلك إلى تقديم تنازلات ثقافية تتعارض مع السائد من الأعراف والتقاليد. وبطبيعة الحال، فإن تسويق الدولة لا يعني بالضرورة عرضها للبيع! ولا يعني أيضاً تقديم تنازلات للعميل المستهدف. الصورة المهزوزة التي تصاحب مفهوم التسويق باعتباره (دعاية) هي صورة سطحية يتم استنباطها بشكل مباشر من تسويق المنتجات والخدمات ثم يتم إسقاطها على تسويق الدول الذي هو مفهوم مختلف في سياقه وطبيعته. الاعتراض المبدئي على تسويق الدولة ينبع غالباً من اعتبارات نرجسية أو قومية تدخل جميعها في سياق إساءة فهم (تسويق الدولة)؛ حين لا تدرك أن هذا المفهوم ليس إلا تتويجاً لمقدّرات الدولة ومكتسباتها الوطنية، وتمكيناً لها من من أن تبوأ مقعدها العالمي المستحقّ. إضافة إلى ذلك، فهو ضرورة اقتصادية يفرضها الاقتصاد العولميّ الآن على الجميع، وإن بدت حاجة الدول ذات الاقتصاد الريعيّ له غير ملحّة، فإنها تزداد إلحاحاً بشكل مضطرد لا يغفل عنه سوى ساهٍ عن الساحة الدولية أو مفرّط في مستقبل وطنه.

وفي السعودية، يمكن إحصاء بضع جهات حكومية اجتهدت في مضمار تسويق الدولة مثل الهيئة العليا للاستثمار والهيئة العامة للسياحة والآثار، وكذلك وزارة الخارجية في المجال الدبلوماسي، وكل هذه الجهات تسعى لأهداف محددة وواضحة، وفي أغلب الأحيان مؤقتة أو مؤطرة بسقف معلوم، وفي جميع الأحيان تقيّد هذه الجهود قوانين وأنظمة واعتبارات سياسية لا حصر لها. وطالما اصطدمت الهيئة العليا للاستثمار بالترهل العام في البيئة البيروقراطية داخل السعودية مما اضطرها لقصر نشاطها على جلب رؤوس أموال ذات مواصفات معينة يمكن أن يخصص لها أنظمة استثنائية في نطاق محدود، ولطالما اصطدمت الهيئة العليا للسياحة والآثار بقيود إجرائية وأمنية وثقافية تعيق عملية استقطاب السائح الأجنبي أو الاستفادة من بعض المناطق الأثرية سياحياً. كذلك انخرطت وزارة الخارجية منذ أحداث سبتمبر في جهود دبلوماسية واسعة لنفي شبهة الإرهاب العالمي عن السعودية؛ فاصطدمت بخلايا إرهابية محلية من أبناء الوطن زادوا مهمتها صعوبة وتعقيداً. إذاً، كل جهة حكومية تناولت الجانب الذي يعنيها من تسويق الدولة ومارسته بطريقة لم تخل من القصور ولم تسلم من العوائق. لم يتم تسويق الدولة كإستراتيجية شاملة من قبل، ولم تنبر لهذه المهمة أي جهة حكومية بشكل مستقل، ولا يلام أي منها على ذلك بطبيعة الحال؛ حيث لا يوجد جهة حكومية تملك سلطة كافية للتحكم في جميع الجوانب المتعددة التي تسهم في تكوين صورة تسويقية للسعودية.

ولكن إذا افترضنا أن السعودية تمكنت من تجاوز كل العوائق المختلفة، وشرعت فعلياً في إستراتيجية تسويق شاملة يتحقق من خلالها حضور عالمي أقوى وفوائد اقتصادية ملموسة، فإنها ستصطدم أيضاً بمشكلات تتعلق بماهية الصورة التي يتعيّن على هذا الإستراتيجية التسويقية خلقها في ذهن العالم. فموقع السعودية على الخريطة الدولية يحمل إشكالات عدة من دورها الجوهري في أسواق الطاقة إلى موقعها الجيوسياسي كقوة إقليمية، بالإضافة إلى مكانتها المحورية كمركز ديني على مستويي الثقافة والجغرافيا. كل هذه الأبعاد تجعل من عملية تسويق السعودية مشروعاً معقداً، ليس لأن هذه الاعتبارات السابق ذكرها تتعارض مع القيمة التسويقية بالضرورة بل ربما لأنها تقترح محاور تسويقية أكثر تعقيداً مما يمكن أن تختزله صورة تسويقية موحّدة. فتسويق السعودية كمصدر طاقة العالم يعرضها لانتقادات بيئية ناهيك عن تعرضها للّوم - بسبب أو دون سبب - عند كل أزمة طاقة في العالم، وتسويقها كقوة جيوسياسية في الشرق الأوسط يفرض عليها التزامات إقليمية تتنافى مع الحياد الذي يفترض بالمراكز الاقتصادية، كما أن تسويقها كمركز إسلامي ومهوى أفئدة يطرح من المعادلة أربعة أخماس العالم من غير المسلمين. كيف يمكن للسعودية أن تسوّق نفسها كدولة تسويقاً يعكس كل هذه المقدرات الكبرى التي تمتلكها؟ إن محاولة تكريس كل هذه الأبعاد في صورة واحدة يخرج عادة بصورة معقدة غير قابلة للرسوخ في ذهن العالم بسهولة. ولعل المقالة القادمة تقترح رؤية مبدئية لتبسيط هذه الصورة وتجاوز العوائق المذكورة.

 

الكاتب : محمد حسن علوان
الوطن : 22/9/2011م

http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=7471#.TnqXB_OqjUE.facebook

 

السبت، 17 سبتمبر 2011

من كتاب : الإسلام السياسي

~ لا تقولوا الديموقراطية كفر ! ~

 

الحضور الإسلامي على الساحة العالمية طولاً و عرضاً من أقصى المغرب في الولايات المتحدة الأمريكية ( 6 ملايين مسلم بين سود و بيض و مهاجرين ) إلى الجاليات العربية في كندا شمالاً إلى انجلترا و فرنسا و ألمانيا في قلب أوروبا بما فيها من ملايين الجزائريين و المغاربة و العرب و الهنود إلى الشرق .. تركيا و ألبانيا .. إلى القارة الأسيوية الشاسعة حيث نجد دولاً بكاملها إسلامية مثل أذربيجان و أوزباكستان و تركمانيتان و ترستان و كازاخستان و بنجلاديش و باكستان و كشمير و أندونيسيا و جزر القمر إلى القارة الهندية ذاتها و فيها أكثر من مائة مليون مسلم إلى أفريقيا جنوباً حيث الدول العربية من مصر و السودان و أرتيريا إلى لبنان و سوريا و فلسطين و العراق و الخليج و المملكة العربية السعودية و اليمن .. إلى تونس و ليبيا و الجزائر و المغرب و السنغال و موريتانيا على المتوسط و الأطلسي .. إلى الصومال في الحزام الإستوائى .. إلى تشاد و النيجر في عمق الصحراء ..

 

ألف و مليون من البشر أو يزيد تحت راية واحدة هي : راية لا إله إلا الله ..

 

هذا الحضور الكبير بعمقه التاريخي تعرض للحصار و التمزيق و تعرض للتحدي و تعرض للغزو الفكري و تعرض للحروب الفعلية المتعددة من قوى الإستعمار التي نزلت بذاتها و ثقلها في الماضي و نهبت الثروات و حطمت الإمبراطوريات و رحلت بعد أن أعملت التفتيت و التقسيم و التمزيق .. و بعد أن خلقت حدوداً مفتعلة و أقامت زعامات "عميلة" و تركت جروحاً غائرة .. و ظل الإسلام باقياً رغم البلاء ..

 

 

و لما لم تنفع تلك الفتن في القضاء على الإسلام طرحوا علينا الفكرة الماركسية و أغرقونا في صراع اليميني و اليساري و أوقعونا في الخراب الشمولي و الإشتراكي .. و من لم يقبل الماركسية استدرجوه إلى القومية و العروبية .. و الذين تحمسوا للقومية و العروبية نسوا أن الذي جعل للعروبة راية وصوتاً و وحده .. كان الإسلام .. و قبل الإسلام كان العرب قبائل يقتل بعضها بعضاً لا نفير لها و لا راية .. بل إن اللغة العربية ذاتها لم يكن لها ذيوع و لا انتشار قبل القرآن .

 

و دارت الدوائر و سقطت الماركسية و اختفت الشيوعية و افتضحت القومية و تعرت الشعارات الزائفة فاستداروا ليكروا علينا بوجوه جديدة و شعارات جديدة .. هذه المرة اسمها الليبرالية و العلمانية ..

 

 

أما الليبرالية فهي أن تفعل ما تشاء لا تسأل عن حرام أو حلال .. و هي غواية لها جاذبيتها .. فهم سوف يلبون لك شهواتك و لذّاتك .. و لكن لذّاتك ليست هدفهم بل هدفهم عزل الدين و إخراجه من الساحة .. و إبطال دوره .. و أدواتهم هذه المرة هي السينما و المسرح و الملهى و المرقص و البار و الخمور و المخدرات و النساء الباهرات .. و كغطاء فلسفي لتلك الهجمة الشرسة جاءوا بالعلمانية .. دع ما لقيصر لقيصر و ما لله لله !

 

و لله المسجد تصلي فيه و تتعبد و تسجد و تركع كيف شئت .. و لكن الشارع لنا و السياسة لنا و نظام الحياة من شأننا و لا شأن لله فيه و لا أمر و لا نهي لله فيه ..

( نعم للعقيدة و لا للشريعة ) !

 

 

و المعركة ما زالت دائرة و نحن في معمعتها و الراية هذه المرة هي الإسلام السياسي .. نكون أو لا نكون .. و هم مازالوا يفكرون بنا .. فإن خروج الإسلام من الحياة سوف يعقبه خروج الإسلام من المسجد ثم هزيمته الكاملة .. فالإسلام منهج حياة و لا يمكن أن يكون له نصف حياة أو أن يسجن في صومعة ..

 

و لكي يكسبوا المعركة قبل أن يخوضوها جعلوا من الإسلام السياسي خصماً للديمقراطية .. و وقع "السذج" من المسلمين في الفخ فقالوا معهم أن الديمقراطية كفر ! .. و هذا منتهى أمانيهم !

 

و الحق الذي لا مراء فيه أن الإسلام لا يمكن أن يكون خصماً للديمقراطية .. فالإنتخاب و البيعة و الشورى و الإستماع إلى رأى الخصم هو صميم الإسلام .. و التعددية في الرأي أساس في الإسلام .. بينما الإنفراد بالرأي و الديكتاتورية و القهر مرفوض من الإسلام جملة و تفصيلاً .

 

و اليوم و المعركة تدور يجب أن يفهم كل مسلم أين يقف و مع من و ضد من ؟

و سوف يخسر المسلم كثيراً إذا وقف ضد الديمقراطية بل سوف يخسر دينه و سوف يخسر نفسه ..

 

و الحقيقة أن الديمقراطية ديانتنا .. و قد سبقناهم إليها منذ أيام نوح عليه السلام الذي ظل يدعو قومه بالحسنى على مدى تسعمائة سنة من عمره المديد لا قوة له و لا سلاح إلا الرأي و الحجة يدعوهم بالكلمة في برلمان مفتوح يقول فيه و يسمع .. بينما هم يسخرون منه و يهددونه بالرجم ..

 

في تلك الأيام كان هؤلاء البهم الهمج هم أجداد أجداد مستعمري اليوم .. و كان نوح النبي عليه السلام هو رسول الإسلام و المتحدث بلسانه ..

 

و حينما خرج النبي محمد عليه الصلاة والسلام في آخر سلسلة الأنبياء .. كان الله مازال يقول له نفس الشيء :

 

( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )

( إن أنت إلا نذير )

( إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر )

( ما أنت عليهم بجبار )

 

و تلك هي الأصول الحقيقية للديمقراطية فهي تراث إسلامي ..

فإذا قالوا لكم : الديمقراطية

قولوا : الديمقراطية لنا و نحن حملة لوائها و نحن أولى بها منكم

 

و لكنهم سوف يلتفون ليخرجوا بمكيدة أخرى ..

 

فيقولوا : إن الإسلام ليس فيه نظرية للحكم !

و سوف نقول : و تلك فضيلة الإسلام و ميزته .. فلو نص القرآن على نظرية للحكم لسجنتنا هذه النظرية كما سجنت الشيوعيين ماركسيتهم فماتوا بموتها .. و التاريخ بطوله و عرضه و تغيراته المستمرة و حاجاته المتجددة المتطورة لا يمكن حشره في نظرية .. و لو سجنته في قالب ما يلبث كالثعبان أن يشق الثوب الجامد و ينسلخ منه ..

 

و الأفضل أن يكون هناك إطار عام و توصيات عامة و مبادئ عامة للحكم الأمثل .. مثل العدل و الشورى و حرية التجارة و حرية الإنتاج و احترام الملكية الفردية و قوانين السوق و كرامة المواطن و أن يأتي الحكام بالإنتخاب و يخضعوا لدستور .

 

أما تفاصيل هذا الدستور فهو أمر سوف يخضع لمتغيرات التاريخ و هو ما يجب أن يترك لوقته

و الأيديولوجيات التي حاولت المصادرة على تفكير الناس و فرضت عليهم تفكيراً مسبقاً و نهجاً مسبقاً قال به هذا أو ذاك من العباقرة .. ثبت فشلها .

 

و هذا ما فعله القرآن .. فقد جاء بإطار عام و توصيات عامة و مبادئ عامة للحكم الأمثل .. و ترك باقي التفاصيل لإجتهاد الناس عبر العصور .. ليأتي كل زمان بالشكل السياسي الذي يلائمه .. و في خضم الإجتهاد الإسلامي سوف تجد محصولاً عظيماً تأخذ منه و تدع ..

 

من أيام الشيخ محمد عبده و الأفغاني و حسن البنا و المودودى إلى زمان مالك بن نبي و المهدي بن عبود و الزندانىء إلى إبراهيم بن علي الوزير و الشيخ محمد الغزالي و الشعراوى و يس رشدي و الدكتور محمد عمارة و كمال أبو المجد .. موسوعة من الفكر سوف تمد من يقرأها بمدد من الفهم لا ينفذ ..

 

 

و السؤال الذي يخرجون به من وقت لأخر : ألا يحرم الإسلام على المرأة أن تعمل ؟

 

وهم لا يكفون عن ترديده ..

 

و أقول لهم : هاتوا آية واحدة من القرآن تثبت كلامكم ..

و الأمر القرآني للنساء بالقرار في البيوت كان لنساء النبي ..

و كان مشفوعاً في مكان آخر بالآية : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ) .

و تلك إذن خصوصية لزوجات الرسول عليه الصلاة و السلام ..

 

و هل رأيتم زوجة ريجان تعمل أو زوجة بوش لها بوتيك .. إن كل واحدة منهما عملها الوحيد زوجها .. و هن زوجات رؤساء علمانيين .. فما بال زوجة سيد البشر و خاتم الأنبياء صاحب الرسالة الكبرى .. كيف يجوز أن يكون لها عمل آخر غير زوجها .

 

الخصوصية هنا واضحة .. و هي لا تنسحب إلا على من كن مثلها من نساء الأمة و من كن في مثل ظروفها ..

 

 

و الكلام الآخر السخيف الذي يرفض الدولة الإسلامية لأنها دولة دينية .. لم يفهم كلمة عمر بن الخطاب و أبى بكر و هم السادة و المثل .. حينما يقول الواحد منهم صبيحة بيعته : " إن أصبت فاعينوني وإن أخطأت فقوموني " .

 

لا عصمة لحاكم إذن .. و لا حكم إلهي في الإسلام .. و إنما هو حكم "مدني" "ديمقراطي" يخطيء صاحبه و يراجع .

 

و قولهم بأن الإسلام يقف سداً منيعاً أمام اجتهاد العقل .. بمقولته الشهيرة : لا اجتهاد مع النص .. و ما أكثر النصوص .. بل القرآن كله نصوص ..

 

أقول لهم : لا يوجد في القرآن نص أكثر تحديداً و صرامة من قطع يد السارق و قد جاء في القرآن هذا النص مطلقاً لا استثناء فيه ..

( و السارق و السارقة فاقطعوا أيديهما )

ومع ذلك فقد اجتهد النبي عليه الصلاة و السلام في فهم النص فلم يطبقه في الحروب .. و اجتهد فيه عمر بن الخطاب فلم يطبقه في عام المجاعة .. و هي استثناءات لم ترد في القرآن .. فضربا بذلك المثل على جواز الإجتهاد و جواز عمل العقل حتى في نص من نصوص الشريعة .. فما بال النصوص الأخرى التي لا تمس حكماً أو عبادة ..

 

 

أما حكاية الفن و التناقض الذي خلقوه بين الفن و الدين ليجعلوا من الإسلام عدواً للجمال ، أقول حتى الشعر و الشعراء الذين قال عنهم القرآن : إنه يتبعهم الغاوون و أنهم في كل وادٍ يهيمون .. و أنهم يقولون مالا يفعلون .. عاد فاستثنى قائلاً .. إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات .. و ينطبق هذا على الفنون كلها .. فهي جميعاً تخضع لنفس القاعدة ..

 

حسنها حسن .. و قبيحها قبيح .. كل ما يدعو منها للخير هو حسن .. و كل ما يدعو للفساد هو فن قبيح .. و هي قاعدة يطبقونها حتى في الغرب .. فهم يقولون عن كثير من الأعمال الفنية إنها رديئة و هابطة .. و الفن الرديء عندهم متهم كما هو في كل مكان ..

 

و المعركة مستمرة ..

 

 

و لكننا في حاجة إلى كتيبة تجدد الدين و تقاتل خصومه بأسلحة العصر و ليس بفتاوى ألف سنة مضت !

 

فالإسلام السياسي هو إسلام ينازع الآخرين سلطاتهم .. و هو بطبيعته يريد أرضاً يقف عليها غيره .. و هو لا يريد أن يحكم بل يريد أن يحرر .. هو يريد أن يحرر أرضه المغتصبة .. ويريد أن يحرر عقولاً قام الأخرون بغسلها و تغريبها .. و يريد أن يسترد أسرتهُ و بيتهُ ..

 

بالكلمة الطيبة و بالحجة و البينة و ليس بتفجير الطائرات و خطف الرهائن ..

بالسياسة لا بالحروب .. بالحوار الحضاري لا بالاشتباك العسكري .. و لكنهم لن يعطوا الفرصة لهذا الحوار الحضاري و هم ينتظرون سقطة من زعامة "متخلفة" و يتعللون بصيحة عنف يصرخ بها "منبر ضال" .. أو عربة ملغومة يفجرها عميل ثم يتطوع عميل آخر ليقول أنها من عمل الجهاد الإسلامي أو شباب محمد أو حزب الله .. ليثيروا بها ثائرة الأبيض و الأحمر و الأصفر على الإسلام و أهله .

 

 

و لكن أهل العلم يعلمون أن العدوان مبيت منذ عشرات السنين منذ سقوط الخلافة العثمانية .. و منذ وعد بلفور و تهجير مطاريد اليهود من أقطار العالم و جمع شتاتهم في " إسرائيل " و إقامة الترسانة النووية و الكيمائية و الميكروبية في داخل القلعة الإسرائيلية .. و تحطيم أي سلاح عربي منافس .

 

هم يخططون من قديم لهذا اليوم ، والمعركة مستمرة ..

 

و سوف تستمر ما بقى من زمان إلى يوم الدين و لن تكون معركة سهلة .. و طوبى لهم .. من كانوا من أبطالها ..

 

 

د. مصطفـى محمـــود

من كتاب : الإسلام السياسي

معضلة الشخص المعطاء والراكب المجاني

من المحمود دائماً البذل والعطاء ومشاركة المعارف بحيث يستفيد منها أكبر قدر من الناس. عندما تتوفر رغبة قوية في العطاء لدى المهنيين، نراها تؤثر...