الجيتار !
خلف الحربي
ترلم.. ترلم.. أكدت الإدارة العامة للتربية والتعليم في المنطقة الشرقية اعتزامها إجراء تحقيق في الحادثة الشنيعة المريعة الفظيعة (ترلم ترلم)، والتي تتمثل في إقدام معلم فيزياء في إحدى المدارس الثانوية الخاصة بالخبر بإجراء تجربة عملية لشرح عملية اهتزازات الصوت من خلال إحضار آلة جيتار إلى الفصل، يا للهول كما يقول يوسف وهبي.. ويا رباه كما يقول فارس عوض.. جيتار مرة واحدة؟!.. كيف تحمل شبابنا الأبرياء رؤية هذا المنظر الصادم؟!.. المفروض أن تتعاون وزارة التربية والتعليم مع وزارة الصحة لإعداد برنامج للتأهيل النفسي كي يتجاوز الشباب صدمة رؤية الجيتار على الطبيعة!.
ترلم.. ترلم.. ورغم تأكيد وكيل المدرسة أن المعلم كان يقدم درسا تطبيقيا وعمليا موجودا في كتاب الفيزياء للصف الثاني ثانوي حول آلية اهتزاز الصوت، وأن ما قام به المعلم الوافد (بعيد كل البعد عن العزف والموسيقى)، إلا أن مثل هذا التأكيد لم يعد له قيمة بعد أن قام تلميذ (مؤدب جدا) بتصوير معلمه خلسة ونشر الصورة في مواقع التواصل الاجتماعي ليثور المجتمع الفاضل الفاصل، ويطالب البعض بمقاضاة المعلم وإنقاذ أبنائنا الأبرياء الأنقياء الأتقياء من براثن هذا الوحش البشري الذي نصحته إدارة المدرسة بالتزام الصمت التام لتفادي (تعقد مسار الأحداث)!..
ترلم.. ترلم.. بالطبع لن تحقق إدارة التعليم في كيفية جلب هذا الطالب لهاتفه النقال في الفصل، ولن يسأل أحد هذا (الليث الغيور) كيف هان عليه الغدر بمعلمه الذي هو بمكانة أبيه ونشر صورته في مواقع التواصل الاجتماعي وكأنه يعزف على الجيتار، رغم أن الحقيقة كانت مخالفة لذلك تماما، ولن يهتم أحد بأن هذا الأمر حدث في مدرسة أهلية خاصة في مدينة الخبر التي كانت في يوم من الأيام عنوان الانفتاح والتحضر في بلادنا.. هل قلنا: انفتاح وتحضر ؟.. ترلم ترلم.
انتهى الخبر، وبقيت معلومات بسيطة لا تغير في الأمر شيئا، ولكننا نسوقها من باب الـ(ترلم ترلم)، وهي أن أشهر المطربين الناطقين بالعربية مثل محمد عبده وراشد الماجد وعبدالمجيد عبدالله ينتمون إلى هذا المجتمع، وأن أكبر شركات الغناء والموسيقى في الوطن العربي موجودة هنا، وأن أكبر سوق في الشرق الأوسط للألبومات الغنائية هي سوقنا، وأن الغالبية العظمى من قنوات الفيديو كليب الفضائية تعود ملكيتها لرجال أعمال سعوديين.. ورغم ذلك نصاب بالصدمة الدماغية حين نعرف أن أبناءنا شاهدوا بالعين المجردة آلة موسيقية.. ترلم.. ترلم..
ومن هنا حتى ينتهي التحقيق في حادثة الجيتار، نتمنى أن تأتي فرصة ما للتحقيق في أوضاع المدارس الخاصة وكيفية تعاملها مع المعلمين وآلية حصولها على التراخيص!، وكذلك الحال بالنسبة للمدارس الحكومية ذات المباني المتصدعة، وغير ذلك من مستلزمات الفساد والبيروقراطية المخبوءة في الحقيبة المدرسية.. والمحبة هيه هيه.. كل ما لها تزيد شويه.. وأسمر حياتي لا تسيء الظن فيه.. ترلم ترلم!.
المصدر عكاظ
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20130311/Con20130311579748.htm
الخبر