من المحمود دائماً البذل والعطاء ومشاركة المعارف بحيث يستفيد منها أكبر قدر من الناس.
عندما تتوفر رغبة قوية في العطاء لدى المهنيين، نراها تؤثر على طريقة أدائهم لأعمالهم، فيندفعون نحو إنجاز المهام وإكمال ما هو غير مكتمل بغض النظر عن الشخص المسؤول، فلا يمانعون أن يؤدوا أعمال زملائهم بطيب خاطر تحت راية العمل الجماعي والتعاون والفريق الواحد.
دائماً ما يصطدم هؤلاء المعطاؤون بالراكبين المجانيين، وهم الأفراد الذين يقومون بالاستهلاك أو الحصول على الخدمات دون أن يقوموا بواجبهم أو حصتهم المفروضة عليهم من العمل.
إن ظاهرة الركوب المجاني من التحديات الأساسية التي تواجه العمل الجماعي في قطاعات مختلفة من المجال المهني إلى التطوير المجتمعي. وقد عرفت هذه الظاهرة منذ أكثر من 150 عام وسميّت بهذا الاسم لتصف الأشخاص الذين يركبون في القطارات دون دفع قيمة التذكرة على الرغم من قيام الآخرين بذلك.
تبدأ هذه المشكلة عندما يكون باستطاعة الأفراد الحصول على الخدمة أو الاستفادة منها سواءً قاموا بتأدية الجزء الخاص بهم أم لم يقوموا بذلك، وهذا ما يؤدي إلى إضعاف الحافز لديهم ليقوموا بواجبهم فيتحولوا إلى ركاب مجانيين.
المعضلة التي تواجه الشخص المعطاء في مجال العمل هي الموازنة بين العطاء الذي يقدمه وبين تفادي المساهمة في تحويل زملاءه إلى ركاب مجانيين.
إن هو توقف عن البذل والمساعدة والعطاء الإضافي لا يهنأ له بال ولا يشعر براحة الضمير، وإن اندفع في ذلك لا يلبث أن يقرّع نفسه بعد حين ويحمّلها مسؤولية ما آل إليه زملائه من مجانية الركوب.
إن معضلة الشخص المعطاء هي مسبب واحد من مسببات عدة لظاهرة الركوب المجاني في المجال المهني، والتي قد يكون سببها سوء توزيع العمل، زيادة عدد الموظفين، قلة الكفاءات، ضعف الإدارة، أو غير ذلك.
ربمّا عليك أن تجد طريقة لتستمر في العطاء دون زيادة الركاب المجانيين.
د. راسل قاسم