من المعروف وجود عوامل محددة وواضحة تؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المخرجات بشكل عام سواء كنا نتكلم عن شخص، أو مؤسسة، او اقتصاد دولة.
تتناول الدراسات الاقتصادية والتحليلات هذه العوامل جميعاً وتنهكها بحثاً وفرزاً وتصنيفاً وفي النتيجة، نجد جبل الجهد هذا ينهار أمام سؤال من قبيل: لماذا يفشل مشروع وينجح آخر مع أنهما قد سخّرا ذات المواد والموارد وطبقّا ذات الأنشطة والعمليات؟ أو لماذا تتمتع اقتصاديات الدول المتقدمة بكفاءة أعلى بكثير من اقتصاديات الدول النامية؟ وغير ذلك من الأسئلة التي تشي بوجود عوامل أخرى ومدخلات تؤثر على النجاح هنا والفشل هناك.
لست أول من طرح هذا التساؤل فهناك من فكّر به قبلي بزمن طويل، من هؤلاء هارفي ليبنشتاين حيث أطلق على هذه العوامل المجهولة مسمّى “معامل الكفاءة X” ويقصد به معامل الكفاءة المجهولة.
فسّر هارفي هذا المعامل بأنه كل ما لا يمكن قياسه ويؤثر على الإنجاز وجودة العمل، ولعلي إذا ما قمت بنثر بعض هذه العوامل المجهولة أن تصبح جلية تحت ناظريك عزيزي القارئ.
تحتّل العوامل النفسية نصيب الأسد من معامل الكفاءة المجهول هذا، وقد أثبتت عدة أبحاث وتجارب تأثير بعض العوامل النفسية على كل من الإنتاجية والكفاءة، ومن هذه العوامل أن المشاريع والمؤسسات التي تربط بين موظفيها علاقات صداقة تكون أكثر كفاءة مقارنةً بغيرها من المؤسسات، وكذلك فإن المشاريع ذات الحجم الصغير تكون أكثر إنتاجية وابتكاراً من الأكبر حجماً، لذلك نلاحظ لجوء بعض الشركات إلى تقسيم نفسها إلى وحدات وفروع متعددة مستقلة أو شبه مستقلة. أضيف إلى ما ذكرت شعور الموظفين بالمراقبة، فكان لاستبدال المراقبة المباشرة بالمراقبة والمتابعة غير المباشرة من خلال استخدام التقنيات الحديثة أثر واضح على زيادة كل من الكفاءة والإنتاجية.
في جعبة معامل الكفاءة المجهول أيضاً عوامل أخرى مثل المحفزات التي ثبت دورها في زيادة الإنتاجية وتخفيض التكلفة، وأيضاً خفض ساعات العمل فقد أظهرت الأبحاث ارتباط خفضها بارتفاع الإنتاجية، ورفعها بزيادة الغيابات والصراعات وحوادث العمل.
ربّماً عليك إعادة النظر في قناعة أن النجاح مرتبط فقط بما يمكن قياسه.
د. راسل قاسم