{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}[البقرة :269 ] العالم لا ينقصه الذكاء ولكن تنقصه الحكمة. د علي شراب
السبت، 2 أغسطس 2014
فرصه عادلة
خُذ قطعة حجر التقطتها من الرّصيف، ضعها في صندوق زجاجيّ في "اللوفر"، تحت إضاءة خاصّة، في قاعةٍ شاسعة.
قِف قريبًا منها لتراقب روّاد المتحف وهم يتسمّرون أمام الحجر، مأخوذين بجمالِه. الحجر لم يعُد حجرًا، لقد صار فنًا. ترى، هل كان الحجر فنّا منذ البداية، أم أن المكان هو الذي حوّله إلى فن؟
أعِد الحجر إلى مكانه، ضعه على الرّصيف. هل ترى؟ أحد رواد المتحف يخرج الآن، يمشي على الرصيف، يركل الحجر ويمضي. إنه لا يراهُ حتى.
خُذ قميصًا رخيصًا من سوقٍ شعبي وألصِق عليهِ علامة "ديور" وتأمّل كيف سيتحوّل، خلال لحظات، من قميص رخيص، إلى عمل إبداعي عظيم.
خُذ قصيدة لشاعرٍ مغمور وضع عليها اسم "بودلير" أو "رامبو" وتفرج على الحفلات الصاخبة التي سيقيمها النقاد.
إلى أي أحدٍ نحن نخضع لبرمجةٍ خارجية، تقرّر لنا، وبالنيابةِ عنّا، ما هو جميل؟ وإذا كانت هناك مؤسسات دينية واجتماعية تقرّر لنا كل يوم، الصواب والخطأ، والمباح والمحرّم، فهل توجد أيضًا مأسسة للجمال؟
تعتقد بأنّك حُر في الطريقة التي تتلقّى بها لوحة أو قصيدة أو رواية أو شجرة أو صدفة بحرية أو قوقعة حلزون؟ فكّر ثانية. عبوديّتك الحقيقية بدأت عندما اعتقدتَ بأنك حُر. هناك نظامٌ كاملٌ يحاول إيهامك بذلك، للسيطرة عليك.
فكّر الآن بفداحةِ الخسارة التي نتكبّدها بسبب هذا النظام. بكمّ الجمال الهائل، الكثير والمجاني، الذي لا نراهُ لأنه لا يحملُ الاسم الصحيح، ولا يوجد في المكان الصحيح.
هل سبق ولاحظتَ تلك القماشة السوداء التي تثبت بالقرب من عينِ الحصان لكيلا يلتفت حوله، ولا ينظرُ إلا أمامه؟ لقد وضعوا قماشةً كهذه على عينيك أنت أيضًا. لقد حجبوا عنك الفضاء، وأقنعوك بطريقٍ واحد، بشكل واحد للجمال، يتوافق مع مصالحهم.
أمامنا الآن خياران. الخيار الأول هو أن نكفر بالجمالِ إطلاقًا. ففي نهايةِ الأمر، حتى حقيبة فيندي الفاخرة صنعت في دول شرق آسيا، بأيدي الجياع. الأصالة في الجمال فكرة متوهمة.
الخيارُ الثاني، وهو الذي أفضله شخصيًا، أن يتحول العالم كله إلى متحف. كل حجر، كل ورقة شجر، كل يرقة كل فراشة كل عصفور، كل قصيدة كل قصة كل لوحة كل قميص رخيص. كل شيءٍ يجب أن يمتلك فرصة عادلة لكي يمنحك جماله..
منقول
الكاتبة/بثينة العيسى
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
معضلة الشخص المعطاء والراكب المجاني
من المحمود دائماً البذل والعطاء ومشاركة المعارف بحيث يستفيد منها أكبر قدر من الناس. عندما تتوفر رغبة قوية في العطاء لدى المهنيين، نراها تؤثر...
-
من المعروف وجود عوامل محددة وواضحة تؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المخرجات بشكل عام سواء كنا نتكلم عن شخص، أو مؤسسة، او اقتصاد دولة. ت...
-
نحن لا نتغير مشاعرنا تبقى ثابتة، مايتغير مع الزمن طاقة تحملنا والقدرة على المحاولة، قدرة الاستمرار على الكلام أو حتى على الصمت. تدور العلاقا...
-
من المحمود دائماً البذل والعطاء ومشاركة المعارف بحيث يستفيد منها أكبر قدر من الناس. عندما تتوفر رغبة قوية في العطاء لدى المهنيين، نراها تؤثر...